Page 88 - merit 49
P. 88
العـدد 49 86
يناير ٢٠٢3
محمد نجار الفارسي
ِست منادي منتوسا
له مبته ًل: «أنا لم أرتكب خطيئة
-اهدني الصراط المستقيم. أنا لم أختلس القرابين
اعتدل الوالي في متكئه الفضفاض الذي يحتوي أنا لم أغلق أذن َّي عن سماع كلمات الحق
طوله وعرضه بزيادة ،ثم أشار إليه ليقترب منه، أنا لم أتسبب في بكاء الآخرين
خطا مناديه الجديد وجسده يرفرف فرحة ودهشة أنا لم أخطف لقمة من فم طفل»..
في آن واحد ،وانكب يقبل طرف ردائه ،استنهضه من نصائح ماعت إلهة الحق والعدل عند القدماء
الوالي وراح يربت على كاهليه ويهزهما برفق: المصريين
ِ -ست أخلص للملك منتوسا ..فبالغ الملك في حبه
وتقريبه إليه ..بذل له عطا ًء فاق كل ما يرجوه ..غدا بحافة المجرة الآن ،يرتقي المنادي الجديد نحو
ِست لسانه ويده وصولجانه ..يتكلم ِست ،فيقول مبتغاه روي ًدا روي ًدا ،ويأتلق اسمه على الشفاة
الناس منتوسا يتكلم ..يلوح ِست ،يقول الناس داخل القصر وخارجه ،ينظر لنفسه بخيلاء ويومئ
منتوسا يلوح ..يمشي ِست ،يقول الناس منتوسا برأسه ،فقد تحسن كثي ًرا أداء إنصاته ،وصيرورة
يمشي ..تماهي الاثنان في بعضهما. طاعته بفضل نجابته ،ثم الحافين بالوالي .فعنهم
انتشي المنادي لاقتراب الوالي منه لحد التماس ،كان اكتسب المزيد من معارف التملق ،ومسالك خفض
هذا من المستحيلات التي يصعب نيل شرفها على الجناح ،وأوقات المهادنة ،واللحظات الحازمة التي
أعاظم رجال الدولة ،فاقشعر جسده ،وتوهج وجهه ينبغي عليه أن يكشر فيها عن أنيابه ،ومتى تقتنص
باللون الوردي وهتف بتضرع: الفرص ومتى تهدر .رغم اعتداده بعبقريته ،لا ينكر
مبلغ عطف الوالي ،وحدبه الذي لا يكف عن بثه في
-زدني.
-من عجائب ِست ،إذا قال للناس إن التراب روعه.
تب ٌر صدقوه ..يناولهم الحجر الصوان ،فإذا قال
إنه طائر يرفرف بجناحيه آمنوا ..في استطاعته -2
بكلمات يحزن الناس ويسعدهم ..وبكلمات يجيِّش
في لقائه الأخير بكنفه ،قال الوالي لمناديه بوده
الجيوش ..وبكلمات يملأ خزائن منتوسا. المعهود:
يرنو إليه الوالي بدعة واغتباط ،يحتضنه بعينيه
الناعستين ،يطوف حوله قائ ًل فيما يده ما زالت -عليك أن تقرأ التاريخ جي ًدا ،وتتعلم من ست
منادي منتوسا.
فوق كتفه:
-من المدهش أنك تتنازع محبتي مع ابني؛ وريث كان المنادي يصغي إليه منبه ًرا ببحر علومه الدافق،
وطرائق سرده الماتعة ،واستحواذه على عقله بكلامه
عرشي. الناعم ،لا يدري كيف تسلل إلى داخله وأثار شغافه
ثم ارتسمت على الوالي أمارات الحيرة ،فبادره حتى تمكن من استلاب إرادته .دنا منه منتب ًها لعدم
مبتس ًما: تخطي تلك المسافة الفاصلة بينهما؛ فما كان له أن
يتعدي حدوده ويقترب أكثر من سبعة أذرع ،وقال