Page 26 - merit 50
P. 26

‫علي عشري زايد‬      ‫يقدم الراوي العليم في سرد محايث‬
                 ‫‪-‬أي أن ما يخبر به مخاطبه يتزامن مع‬

                   ‫تعرف المخاطب عليه‪ -‬فيقدم له‪ /‬لنا‬
                ‫جز ًءا من لوحة مبعثرة أو يسلط الضوء‬
                ‫(التبئير الروائي) على ركن من المسرح‪،‬‬
                ‫نجد فيه صندوق بريد‪ ،‬رسائل مجهولة‬
               ‫لمحبوبة من حبيب وف ٍّي استمر لسنوات‬

                       ‫في إرسالها‪ ،‬وكل أمله أن تصلها‬
                   ‫إحداها قبل أن يموت‪ ،‬وهو يرسلها‬

                       ‫على غير هدى‪ ،‬لذا‪ ‬فهي‪ ‬طائشة!‬

‫وبعد أن قدم النص السردي الشخوص‬                              ‫أن الحبيب مستعد لأن يحب أخرى على أن تكون‬
‫الرئيسة المتمثلة في كل من‪ :‬ذات الشاعر‬
                                                             ‫نسخة منها؛ أي أنه ليس على استعداد لأن يحب‬
    ‫كمخاطب سردي‪ ،‬والرجل العاشق‪،‬‬
  ‫والحبيبة الغائبة‪ ،‬شرع النص في تتمة المشهد‪ ،‬فلا‬          ‫بعدها أب ًدا‪ .‬فما بال هذه الحبيبة؟ وهل هي تستحق‬
                                                                                            ‫أن يتبتل بها؟‬
   ‫بد هنا من الإتيان على ذكر الشخصيات الثانوية‬                                             ‫الحبيب ُة الغائب ُة‬
     ‫التي كان من الضروري جمعها جم ًعا‪ ،‬فجاءت‬
                                                                                ‫ليس ْت خائن ًة كما يتخيلون‬
‫ممثل ًة في النساء اللاتي تلقفن رسالة العاشق بكثير‬                             ‫ب ْل ر َّبما راح ْت ضحي َة الح ِّب‪.‬‬
                          ‫من الأحلام والأمنيات‪:‬‬
                                                                                   ‫و ُيقا ُل إ َّنها كانت تمشي‬
                    ‫ما من رسال ٍة أرسلها العاش ُق‬                                         ‫على جان ِب النهر‬
                             ‫ووقع ْت في ي ِد امرأ ٍة‬
                                 ‫إ َّل ور َّق ْت لحال ِه‬                              ‫ول َم َح ْت ورد ًة في الما ِء‬
                               ‫وتمنَّ ْت في نف ِسها‬                                       ‫فح َّدث ْت نفسها‪:‬‬

                        ‫لو فيها شب ٌه من حبيبت ِه‪.‬‬                                  ‫«هذه الورد ُة لحبيبي»‬
    ‫وكذا سعاة البريد الذين ظنوا بالعاشق الظنون‪،‬‬                                        ‫وحي َن ه َّم ْت بقط ِفها‬
     ‫ولكنهم قدموا للقارئ الضمني آخ َر مشهد من‬                                          ‫جذبتها كائنا ُت الما ِء‬
   ‫الصورة؛ فمن خلالهم يكتشف مدى تأنق الرجل‬                                                ‫ولم تخر ْج أب ًدا‪.‬‬

                 ‫العاشق في رسالته واهتمامه بها‪.‬‬           ‫في هذا المشهد ُيضاء ركن آخر من مسرح الأحداث‪،‬‬
                                    ‫سعا ُة البري ِد‬       ‫وتنضم قطعة أخرى إلى اللوحة التي قلنا عنها إنها‬

                              ‫لا يعرفو َن العاش َق‬         ‫متشظية‪ ،‬هذه الحبيبة لم يغيبها عن حبيبها سوى‬
                                     ‫ولا حبيب َته‬
                                                                     ‫الموت الذي باغتها لأنها ذابت فيه أكثر‪.‬‬
                        ‫ب ْل ويظنونه مراه ًقا خائبًا‬
                         ‫دو َن أ ْن ُيخفوا إعجا َبهم‬
   21   22   23   24   25   26   27   28   29   30   31