Page 32 - merit 50
P. 32

‫العـدد ‪50‬‬   ‫‪30‬‬

                                                       ‫فبراير ‪٢٠٢3‬‬

  ‫يبدأ الطفل في اكتشاف العالم والتعرف على محيطه‬            ‫سيحاول المؤلف من خلال هذا الكتاب رصد نمو‬
 ‫من خلال الحواس والحركات‪ ،‬ففي هذه المرحلة نجد‬              ‫الطفل والمراهق انطلا ًقا من مفهوم التوازن‪ ،‬وذلك‬
                                                       ‫بالتمييز بين وجهين متكاملين لسيرورة هذا التوازن‪:‬‬
    ‫الطفل يرجع كل شيء إلى نفسه ليصل في الأخير‬              ‫‪ -1‬البنيات المتغيرة التي تحدد الإشكال والحالات‬
    ‫إلى تحديد ذاته عمليًّا كعنصر أو جسد من ضمن‬
‫العناصر أو الأجساد الأخرى‪ ،‬في عالم قام هو بنفسه‬                                        ‫المتتالية للتوازن‪.‬‬
     ‫ببنائه تدريجيًّا وأصبح يحس به كعالم خارجي‬           ‫‪ -2‬الوظيفة الثابتة التي تضمن المرور من أية حالة‬
    ‫بالنسبة لذاته‪ .‬وتتميز هذه المرحلة بما يسميه ج‪.‬‬
‫بياجيه بالتكامل والتفاعل بين الذكاء والعالم أو الحياة‬                          ‫معينة إلى المستوى الموالي‪.‬‬
                                                       ‫عند مقارنة الطفل بالراشد نجد نوعين من السلوكات‬
                               ‫عبر ثلاث مراحل‪:‬‬          ‫والتصرفات تطبع هذا الطفل‪ ،‬فهو من جهة يتصرف‬
‫‪ -‬مرحلة الارتكاسات‪ ،‬ويقصد بها التناسقات الحسية‬
                                                          ‫مثل إنسان عاقل وراشد عندما تماثل ردود أفعاله‬
      ‫والحركية المركبة وراثيًّا والمتطابقة مع ميولات‬       ‫واهتماماته الراشدين‪ ،‬ومن جهة ثانية تكشف لنا‬
   ‫غريزية كالتغدية‪ ،‬إلا أنها تحتاج تدريبًا وممارسة‬      ‫هذه المقارنة عن اختلافات كبيرة ‪-‬في حالة اللعب أو‬
                                                          ‫في طريقة التفكير والأنا المفرط‪ -‬فيظهر الطفل على‬
       ‫حتى تكتمل أدوارها‪ ،‬مث ًل طريقة الرضاعة في‬
    ‫الأسابيع الأولى تختلف عن طريقة الرضاعة عند‬                             ‫طبيعته التي تميزه عن الراشد‪.‬‬
                                                        ‫يعتبر المؤلف هذين النوعين من السلوك طبيعيين في‬
                              ‫نهاية السنة الأولى‪.‬‬
 ‫تمثل مختلف التداريب الارتكاسية إشارات أولية على‬           ‫مستوى معين‪ ،‬فمن الزاوية الوظيفية‪ ،‬فإنه توجد‬
  ‫الاستيعاب الذهني لدى الطفل في الأشهر الأولى من‬            ‫وظائف ثابتة مشتركة بين كل الأعمار كوظيفتي‬
                                                       ‫الاهتمام والتفسير الناتجة عن الدوافع العامة للسلوك‬
                                        ‫ولادته‪.‬‬        ‫والتفكير‪ .‬إلا أنها تختلف بشكل كبير من مرحلة عقلية‬
    ‫‪ -‬مرحلة تنظيم الحواس والعادات والتي تبدأ من‬          ‫إلى أخرى وتأخذ أشكا ًل مختلفة حسب درجة النمو‬
    ‫خلال اندماج تلك التداريب الارتكاسية مع عادات‬
 ‫وإدراكات حسية منظمة‪ ،‬بمعنى أنها ستكون منطل ًقا‬                                                ‫الذهني‪.‬‬
   ‫لسلوكات جديدة يتم اكتسابها من خلال التجربة‪،‬‬              ‫وإلى جانب الوظائف الثابتة يوجب المؤلف تمييز‬
    ‫فالامتصاص المنظم للأصبع وحركة الرأس تجاه‬              ‫البنيات المتغيرة باعتبارها تتطو ًرا تدريجيًّا وتشكل‬
 ‫مصدر الصوت وبداية الابتسام والتقاط كل ما يقدم‬
                                                              ‫متتالية للتوازن‪ ،‬وبذلك تكون هي التي تجسد‬
      ‫له‪ ..‬وغير ذلك‪ ،‬كلها سلوكات تدخل ضمن هذه‬               ‫اختلافات أو تعارضات مستوى من السلوك مع‬
     ‫المرحلة التي تلعب دو ًرا أساسيًّا في النموالحسي‬    ‫مستوى آخر‪ ،‬انطلا ًقا من السلوكات الأولية للرضيع‬
                                                             ‫وإلى حدود المراهقة‪ ،‬أي هي الأشكال التنظيمية‬
      ‫الحركي‪ ،‬وشك ًل متقد ًما من أشكال الاستعاب‪.‬‬       ‫للنشاط العقلي في جانبيه الحركي‪ -‬الذهني‪ ،‬والعاطفي‬
     ‫‪ -‬مرحلة الذكاء الحسي‪ -‬الحركي‪ :‬يظهر الذكاء‬
 ‫العملي قبل اللغة أي قبل التفكير الداخلي الذي يتطلب‬                 ‫الوجداني في بعديه الفردي والجماعي‪.‬‬
     ‫استعمال علامات لفظية‪ ،‬إذ إنه عوض استعمال‬
     ‫الكلمات يستعمل الطفل الحركات وردود الفعل‪.‬‬         ‫مراحل النمو الذهني لدى الطفل‬
  ‫تتميز هذه المرحلة بأربع صيرورات جوهرية تعتبر‬
                                                          ‫حدد بياجيه أربع مراحل رئيسية للنمو العقلي‬
                      ‫مقولات عملية محضة وهي‪:‬‬               ‫والمعرفي عند الطفل من حيث المعالم والحدود‬
                          ‫‪ -1‬بناء مقولات الشيء‪.‬‬        ‫والخصائص‪ ،‬وبدرجة عالية من الدقة والوضوح‪.‬‬

      ‫‪ -2‬المجال‪ ،‬المرتبط ببناء الأشياء‪ ،‬مجالات فمية‬                               ‫وهذه المراحل هي‪:‬‬
                           ‫سمعية بصرية لمسية‪.‬‬                          ‫أو ًل‪ -‬مرحلة الوليد الرضيع‪:‬‬
                                                       ‫وتسمى المرحلة الحسية‪ -‬الحركية‪ .‬وتستمر منذ‬
‫‪ -3‬السببية‪ ،‬هي الرابط بين النتيجة التجريبية والفعل‬      ‫الولادة حتى نهاية السنة الثانية من العمر‪ ،‬حيث‬
                                 ‫الذي أدى إليها‪.‬‬

  ‫‪ -4‬الزمن‪ ،‬السلسلة الزمنية تكون موازية للسببية‪.‬‬
   27   28   29   30   31   32   33   34   35   36   37