Page 33 - merit 50
P. 33

‫‪31‬‬          ‫إبداع ومبدعون‬

            ‫رؤى نقدية‬

‫جان بياجيه‬  ‫محمد الحبيب بلكوش‬                              ‫إن تطور القابلية للانفعال خلال السنتين الاولتين‬
                                                        ‫يعطي على العموم صورة مماثلة تقريبًا للصورة التي‬
‫المستوى الحسي‪ -‬الحركي إلى مستوى التفكير‪ ،‬وذلك‬           ‫تمكننا دراسة الوظائف الحركية والمعرفية من إقامتها‪،‬‬
    ‫نتيجة التأثير المزدوج للغة والتنشئة الاجتماعية‪.‬‬      ‫إذ إنه يوجد فع ًل توا ٍز بين الحياة الانفعالية والحياة‬
                                   ‫ج‪ -‬الحدس‪:‬‬
                                                                                                ‫العقلية‪.‬‬
‫يعطي ج‪ .‬بياجيه للحدس أهمية كبيرة باعتباره مع ًطى‬           ‫ثان ًيا‪ :‬مرحلة الطفولة الصغرى (من سنتين إلى‬
 ‫أساس متعل ًقا بالفعل‪ ،‬ويؤكد بياجيه على أن ما يميز‬
    ‫الحدس عند الطفل هو افتقاره للحجج والبراهين‬                                            ‫سبع سنوات)‬
  ‫وعجزه عن تبرير سلوكه وتصرفه‪ ،‬وهذا ناتج عن‬              ‫يسميها البعض بالمرحلة الحسية‪ ،‬وهي مرحلة مكملة‬
    ‫الخصائص الاجتماعية للسلوك خلال هذه السن‪،‬‬
 ‫وتمركز الطفل حول ذاته الشيء الذي يجعله لا يميز‬              ‫للمرحلة السابقة‪ ،‬تضاف إليها بعض الوضعيات‬
      ‫بين وجهة نظره الشخصية ووجهة نظر الغير‪.‬‬                  ‫والإدراكات المكتسبة الجديدة أهمها اللغة‪ ،‬حيث‬
   ‫وتتميز هذه المرحلة بتواجد حالتين تميز الطفل في‬        ‫يصبح الطفل قاد ًرا بفضل اللغة على إعادة بناء أفعاله‬
                                    ‫هذه المرحلة‪:‬‬         ‫السابقة من خلال وصفها‪ ،‬أو التنبؤ بالأفعال القادمة‬
                         ‫‪ -1‬الذكاء العملي المحض‪.‬‬             ‫من خلال التمثل اللفظي‪ ،‬وتنتج عنه ثلاث نتائج‬
‫‪ -2‬حالة التفكير الذي يهدف إلى المعرفة على المستوى‬
                                      ‫التجريبي‪.‬‬                                     ‫أساسية للنموالذهني‪:‬‬
‫فالطفل يكون متقد ًما على مستوى الفعل أكثر مما هو‬        ‫‪ -1‬إمكانية التواصل بين الأفراد‪ ،‬أي البعد الاجتماعي‬
                          ‫عليه في مستوى الكلام‪.‬‬
                          ‫د‪ -‬الحياة الانفعالية‪:‬‬            ‫للأفعال من خلال الانتقال من التمركز حول الذات‬
‫تتميز هذه الخاصية بتطورها عن المرحلة السابقة من‬         ‫اللاواعية إلى التكيف وفق قوانين التوازن المماثلة التي‬
                             ‫خلال ثلاثة جوانب‪:‬‬
    ‫‪ –1‬المشاعر المتبادلة بين الأفراد المرتبطة بالتكييف‬      ‫أصبحت واعية في ذهن الطفل‪ ،‬يسميها ج‪ .‬بياجيه‬
                                                                                ‫بالطابع الاجتماعي للفعل‪.‬‬

                                                           ‫‪ -2‬استبطان الكلام‪ ،‬أي ظهور التفكير نفسه الذي‬
                                                             ‫يجدد دعامته في اللغة الداخلية (يتكلم الطفل مع‬

                                                         ‫نفسه) ونظام العلاقات‪ ،‬فهذا التحول في حد ذاته هو‬
                                                        ‫تطوير لعملية التفكير وتحول من ذكاء حسي‪ -‬حركي‬

                                                           ‫إلى تفكير إدراكي‪ ،‬وذلك بفعل تأثير اللغة والتنشئة‬
                                                                                             ‫الاجتماعية‪.‬‬

                                                        ‫‪ -3‬استبطان الفعل‪ ،‬أي كفعل مدرك عقليًّا وليس فقط‬
                                                            ‫كفعل مدرك حسيًّا‪ -‬حركيًّا كما كان من قبل‪ ،‬وما‬

                                                        ‫ينطبق على التفكير ينطبق كذلك على السلوك والأفعال‪،‬‬
                                                        ‫حيث يبدأ الطفل على إدماج المعطيات في أناه ونشاطه‪،‬‬

                                                           ‫مما يجعل هذا الاستعاب المتمركز حول الذات يميز‬
                                                            ‫بدايات التفكير لدى الطفل وكذا تكيفه الاجتماعي‪.‬‬

                                                                     ‫خصائص مرحلة الطفولة الصغرى‪:‬‬
                                                                             ‫أ‪ -‬الطابع الاجتماعي للفعل‪:‬‬

                                                                ‫تتضح أهميته بظهور اللغة التي تسهل عملية‬
                                                          ‫التواصل‪ ،‬وإن كان ذلك بشكل جزئي‪ ،‬نظ ًرا لتمركز‬
                                                        ‫الطفل حول ذاته بشكل لا شعوري وعدم التمييز بين‬

                                                                                   ‫الأنا والعالم الخارجي‪.‬‬
                                                                                     ‫ب‪ -‬تكوين التفكير‪:‬‬
                                                          ‫انطلا ًقا من التغيرات العامة للفعل يتحول الذكاء من‬
   28   29   30   31   32   33   34   35   36   37   38