Page 213 - merit 38 feb 2022
P. 213

‫‪211‬‬            ‫الملف الثقـافي‬

‫لطفية الدليمي‬                ‫جول فيرن‬  ‫بريان ماجي‬             ‫وبالرغم من ذلك تستثني‬
                                                               ‫مردوخ سارتر وروايته‬
    ‫الصراعات الداكنة بين‬        ‫الوقت نفسه تمنح الأدب‬          ‫«الغثيان» وتعتبره حالة‬
    ‫الخير والشر في الحياة‬      ‫دو ًرا آخر يمكن أن يميزه‬
                                                          ‫شديدة الخصوصية‪ ،‬فروايته‬
      ‫البشرية» (ص‪.)٥٤‬‬             ‫عن الفلسفة‪ ،‬وهو دور‬        ‫المشار إليها تعتبر الرواية‬
  ‫وفي النهاية يمكننا القول‬    ‫يذهب بالأدب إلى أبعد مما‬
‫إن الإشكاليات التي تثيرها‬    ‫يمكن أن تصل إليه الفلسفة‪،‬‬    ‫الفلسفية الوحيدة التي حازت‬
 ‫آراء آيريس مردوخ حول‬        ‫وليس أدل على ذلك من هذه‬          ‫على إعجابها بشكل كبير‪،‬‬

    ‫علاقة الفلسفة بالأدب‬         ‫الكلمات المعبرة‪« :‬عندما‬   ‫لأنها تحكي عن أفكار مثيرة‬
 ‫يمكن أن ُتحل إذا ما فهمنا‬         ‫نتساءل عن موضوع‬           ‫بشأن المصادفة والضمير‪،‬‬

     ‫الفلسفة بنحو أوسع‪،‬‬       ‫رواية فإننا في حقيقة الأمر‬  ‫لكنها برغم جودتها الفلسفية‬
      ‫بحيث تتجاوز المعني‬     ‫نتساءل عن شيء أعمق من‬             ‫تبقي عم ًل فنيًّا لسنا في‬
 ‫الأكاديمي‪ ،‬وتحوز القدرة‬      ‫محض الأفكار المجردة‪ :‬ما‬
‫على التغلغل في كافة مناحي‬     ‫الذي ابتغاه بروست‪ ،‬ولماذا‬     ‫حاجة ملحة لقراءته بقصد‬
‫الحياة‪ ،‬الواقعية والخيالية‪.‬‬   ‫لا نكتفي بقراءة برجسون‬      ‫حيازة معرفة أفضل بنظريات‬
 ‫وبهذا المعني يصير الأدب‬     ‫وحسب؟ ثمة دو ًما موضوع‬
‫شك ًل من أشكال الحضور‬                                          ‫سارتر التي عرضها في‬
   ‫الذي تتجلي فيه الحكمة‬       ‫أخلاقي الطابع في الرواية‬      ‫أعماله الفلسفية الخالصة‪.‬‬
  ‫الفلسفية بكافة صورها‪،‬‬             ‫يتجاوز عالم الأفكار‬      ‫وتعزي مردوخ السبب في‬
   ‫الميتافيزيقية والأخلاقية‬       ‫المجردة‪ ،‬وكل الأعمال‬        ‫فرادة التجربة السارترية‬
      ‫والمعرفية والجمالية‬                                   ‫إلى وجود إحساس سردي‬
                               ‫الروائية الجيدة تقوم على‬
                               ‫هياكل تنطوي على أسرار‬            ‫احترافي بشأن فلسفته‬
                              ‫غامضة بشأن الشهوانيات‬         ‫المبكرة‪ ،‬حيث يحتشد كتاب‬
                               ‫المتصارعة‪ ،‬إلى جانب تلك‬
                                                              ‫سارتر «الوجود والعدم»‬
                                                                  ‫بالصور والحوارات‪.‬‬

                                                            ‫وهنا يتخذ ماجي (المحاور)‬
                                                               ‫نموذج سارتر كمناسبة‬

                                                           ‫للإفصاح عن رأيه المعارض‬
                                                            ‫لرأي مردوخ‪ ،‬ليتساءل عن‬
                                                             ‫مدى إمكانية تكرار تجربة‬

                                                              ‫سارتر الثرية‪ ،‬خاصة في‬
                                                             ‫ظل وجود روايات عظيمة‬
                                                            ‫وظفت الأفكار الفلسفية‪ ،‬لا‬
                                                           ‫كمحض موضوع مثل سائر‬

                                                               ‫الموضوعات‪ ،‬بل كجسم‬
                                                           ‫أصيل في هيكل العمل الفني‪.‬‬
                                                            ‫والحقيقة أن مردوخ عندما‬

                                                              ‫ترفض إقحام الفلسفة في‬
                                                                ‫الأدب‪ ،‬فهي تقوم بذلك‬

                                                          ‫لصالح كلا المجالين الفلسفي‬
                                                          ‫والأدبي‪ ،‬فهي تريد أن تحفظ‬

                                                             ‫للفلسفة خصوصيتها وفي‬
   208   209   210   211   212   213   214   215   216   217   218