Page 214 - merit 38 feb 2022
P. 214

‫العـدد ‪38‬‬                                ‫‪212‬‬

                                                             ‫فبراير ‪٢٠٢2‬‬

   ‫الظاهرة‪phenomene :‬‬          ‫يع ُّد المهتمون بالدراسات‬     ‫القاريء والقراءة في الفكر الفينومينولوجي‬
 ‫والعلم‪ logos :‬ويعني هذا‬
                                 ‫الفكرية أو بتاريخ الأدب‬     ‫د‪.‬معتز سلامة‬
    ‫أن الفينومينولوجيا هي‬           ‫الحرب العالمية الأولى‬
‫علم دراسة الظواهر(‪ .)1‬وقد‬
 ‫أسس هذا العلم الفليسوف‬          ‫واحدة من أقوى العوامل‬
                              ‫المؤثرة التي أدت إلى زعزعة‬
  ‫الألماني (إدموند ُهسرل)‪،‬‬
 ‫وهو علم ينظر إلى الأشياء‬       ‫الثقة بكل الأسس الفكرية‬
                                  ‫والأدبية السابقة عليها‪،‬‬
      ‫على أنها ظواهر تبدو‬
    ‫للشعور‪ .‬فالظاهرة كما‬        ‫مما أدى إلى ظهور الكثير‬
   ‫يراها ( ُهسرل) هى “ما‬        ‫من النزعات التجديدية في‬
    ‫يعيشه الشعور ويحياه‬        ‫الفكر والأدب‪ .‬وفيما يتعلق‬
                                ‫بالأساس الفلسفي لعملية‬
      ‫لا ما يوجد مطرو ًحا‬
‫غاف ًل”(‪ .)2‬ومن ثم أصبحت‬          ‫قراءة النصوص الأدبية‬
                                  ‫وفهمها ‪-‬وهو موضوع‬
  ‫الفلسفة الفينومينولوجية‬      ‫هذه الدراسة‪ ،-‬فإن بزوغ‬
    ‫عبارة عن الفلسفة التي‬      ‫ما عرف بالفينومنيولوجيا‬
    ‫تعالج «الوقائع جميعها‬          ‫ش َّكل الأساس الفكري‬
       ‫بوصفها (ظاهرات)‬           ‫للكثير من مدارس قراءة‬
     ‫محضة‪ ،‬تب ًعا لظهورها‬     ‫النصوص الأدبية وتأويلها‪.‬‬
  ‫أو مظاهرها فى عقلنا»(‪.)3‬‬       ‫لذا فإن الباحث لن يكون‬
  ‫والظاهرات التي ُعني بها‬       ‫مبال ًغا إذا قال إن الفلسفة‬
   ‫( ُهسرل) هى عبارة عن‬        ‫الفينومينولوجية تع ُّد نقطة‬
                                   ‫الانطلاق الحقيقية لكل‬
‫نظام من الجواهر الشاملة‪،‬‬          ‫النظريات المعنية بعملية‬
‫وهو يسعى إلى أن يكتشف‬            ‫القراءة بحيث يصبح من‬
  ‫ما هو ثابت فى هذا النظام‬       ‫الصعوبة بمكان فهم تلك‬
‫ولا يمكن تغييره‪ .‬فما يبدو‬          ‫النظريات‪ ،‬أو استيعاب‬
                              ‫تشديدها على الدور الحيوي‬
  ‫للمعرفة الفينومينولوجية‬        ‫للقارئ في تشكيل معنى‬
      ‫هو الجواهر الشاملة‬       ‫النص‪ ،‬بمعزل عن المعالجة‬
                               ‫الظاهراتية التي انتقلت إلى‬
   ‫للأشياء؛ لذلك لكي نفهم‬       ‫مجال النقد الأدبي فأثرته‬
 ‫أية ظاهرة فه ًما جي ًدا يجب‬     ‫بمقولاتها وأصبحت أهم‬
                              ‫مرجع اعتمدت عليه نظريات‬
  ‫علينا أن نفهم أو ًل ما هو‬
‫جوهري وثابت فيها‪ .‬أي أن‬                         ‫القراءة‪.‬‬
‫الفينومينولوجية تسعى إلى‬        ‫ولكي نفهم ما تعنيه كلمة‬
‫العودة إلى الأشياء الملموسة‬      ‫فينومينولوجيا‪ ،‬علينا أن‬
                               ‫نعود إلى أصلها الاشتقاقي‬
    ‫وليس ما هو خيالي‪ ،‬أو‬        ‫في الثقافة اليونانية‪ .‬وعلى‬
     ‫كما يقول ( ُهسرل) فى‬     ‫هذا فهي تنقسم إلى قسمين‪:‬‬
‫شعاره الشهير‪“ :‬العودة إلى‬

           ‫الأشياء ذاتها”‪.‬‬
       ‫ويرى ( ُهسرل) أننا‬
      ‫نستطيع أن نصل إلى‬
   209   210   211   212   213   214   215   216   217   218   219