Page 116 - ميريت الثقافة رقم (33)- سبتمبر 2021
P. 116

‫إن مفهوم المركز والهامش في‬

                                                       ‫الرواية يمتد ليماثل السلطة والعامة‪،‬‬

                                                       ‫فالتفاصيل السياسية التي تتطرق إليها‬

                                                       ‫الرواية والثورات والحروب كلها تنبع من‬

                                                       ‫ثنائية متضادة‪ ،‬والتي تولد الصراع الذي‬

                                                       ‫يرى هنري جيمس أنه من أهم صفات‬

                                                       ‫الرواية‪ ،‬فالصراعات الصغيرة في المجتمع‬

                                                       ‫والصراعات الكبيرة السياسية والمعارك‬

                                                       ‫كلها تتمحور بين مفهوم تعزيز‬

                    ‫هنرى جيمس‬                          ‫سلطة المركز وتفتيت الهامش ليكون‬

   ‫تتمحور بين مفهوم تعزيز سلطة المركز‬                                        ‫هوامش متعددة‬
  ‫وتفتيت الهامش ليكون هوامش متعددة‪.‬‬
                                                          ‫على صغر حجم المكان‪ ،‬فهو هامش في جغرافيا المكان‪،‬‬
    ‫إن ثنائية المركز والهامش ستتحكم في كل نواحي‬              ‫كذلك عنوان (حامل الص َّرة) يدل على عادة شعبية‬
      ‫الحياة المتعلقة بالإنسان‪ ،‬ذلك الكائن الاجتماعي‬        ‫تخص المولود الجديد حين يريد أهله أن يمنعوا عنه‬

‫الموجود على أرض تدور حول الشمس‪ ،‬والتي بدورها‬               ‫الأذى‪ ،‬فيضعوا بعض الأشياء في صرة ثم يختارون‬
    ‫تمثل مركز التأثير‪ ،‬بحيث يخضع الهامش المتمثل‬              ‫شخ ًصا لا على التعيين من المنطقة فيذهب ليرميها‬
     ‫بالأرض لسلطة المركز؛ فتحدث المتغيرات البيئية‬
   ‫والاقتصادية والاجتماعية‪ ،‬ومن ثم يتحقق التوازن‬            ‫دون أن يكلم أح ًدا في الذهاب ولا الإياب‪ ،‬وقد جرى‬
                                                            ‫اختيار شخصية عبد الباقي الذي تزوج وداد لاح ًقا‬
  ‫في ثنائية المركز والهامش‪ ،‬ويبقى الصراع كامنًا بين‬       ‫ثم مات فجأة دون تفسير منطقي ولا تفاصيل‪ ،‬وهنا‬
     ‫طرفي الثنائية‪ ،‬وتنفتح بالتالي العلاقة بينهما على‬      ‫نجد أن وجوده كان هامشيًّا‪ ،‬فحمله للصرة ورميها‬
    ‫احتمالين‪ ،‬فإما الاستقرار الذي يفرضه المركز من‬         ‫يشبه دخوله وخروجه من الحياة‪ ،‬إن المهمشين الذين‬
                                                          ‫تحتفي بهم الرواية أبطال بلا مجد‪ ،‬شخصيات عادية‬
 ‫حوله على الهوامش التي تدور في فلكه‪ ،‬أو تفكيك ذلك‬         ‫متعلقة بأهداب الحياة‪ ،‬تحاول أن تعيش في مجتمع لا‬
    ‫المركز من خلال انقلاب الهوامش عليه كردة فعل‪،‬‬           ‫يرحم‪ ،‬تواجه القهر والقمع والحاجة وتبحث لها عن‬
    ‫لتنقلب المواقع بين طرفي الثنائية‪ .‬وعلى ذلك يمكن‬
   ‫قياس العلاقة الجدلية بين المركز والهامش في كافة‬                   ‫مكان تحت الشمس وبأي الطرق الممكنة‪.‬‬
   ‫الظواهر السياسية والاجتماعية والثقافية والفكرية‬           ‫إن مفهوم المركز والهامش في الرواية يمتد ليماثل‬
                                                            ‫السلطة والعامة‪ ،‬فالتفاصيل السياسية التي تتطرق‬
‫والإبداعية؛ ومن هنا أي ًضا يمكن اعتبار تحليل الظواهر‬      ‫إليها الرواية والثورات والحروب كلها تنبع من ثنائية‬
  ‫عن طريق جدلية العلاقة بين المركز والهامش منه ًجا‬       ‫متضادة‪ ،‬والتي تولد الصراع الذي يرى هنري جيمس‬
  ‫علميًّا تجريبيًّا يمكنه التعامل مع الظواهر كافة دون‬      ‫أنه من أهم صفات الرواية‪ ،‬فالصراعات الصغيرة في‬
    ‫استثناء‪ ،‬رغم أنه لم يرق بعد إلى مستوى النظرية‬          ‫المجتمع والصراعات الكبيرة السياسية والمعارك كلها‬
                                        ‫المتكاملة‬
   111   112   113   114   115   116   117   118   119   120   121