Page 111 - ميريت الثقافة رقم (33)- سبتمبر 2021
P. 111
نون النسوة 1 0 9
لبعض الأساطير الإغريقية القديمة -كأسطورة
الإله بوسيدون ،-أو الأساطير المصرية القديمة
-كأسطورة الإله رع والإلهة سخمت -داخل بنية
السرد ،وكذلك تجلى الجو الأسطوري بالرواية
في استناد بعض الشخصيات -مثل صبر الجميل
وابنتها فوقية وصديقتها شوقة -إلى قوى خفية
أو تفاسير غير طبيعية عند حل المشكلات ،كالتبرك
بالدارويش وأصحاب الكرامات ،أو كالتعلق بالسحر
والتعاويذ لجلب الحظ وفك اللعنات.
كما انعكس الفضاء الأسطوري للرواية على البني
الفكرية والجسدية لبعض شخصياتها ،فنتلمس
بعض السمات الخارقة لديها والتي ساعدتها على
تغيير مصائرها المحتومة ،مثل الشخصية الرئيسة
بالنص تيوخاري كوتسيكا ،أو تحمل صروف
الزمن وتبعاته ،كما فعل عبد العليم بما هو عليه
من قوى جسدية ومعنوية تبلغ حد الأسطورية.
وشكلت الرحلة -بوصفها إحدى مكونات
الأساطير -ملم ًحا رئي ًسا في تشكيل البنية المكانية
بالرواية ،حيث كانت انتقالات كوتسيكا من اليونان
إلى الإسكندرية والقاهرة من المحفزات السردية
الرئيسة بالنص ،مثلما جاءت الإحالة إلى مستويات
زمنية ممتدة بما في ذلك عاداتها وفنونها وأحداثها
لتؤكد هذه الملامح الأسطورية المهيمنة على العالم
الروائي.
من هنا يمكن القول إن رواية «كوتسيكا» للكاتبة
غادة العبسي قد شيدت بالفعل بيتًا للذاكرة
بمستوياتها الفردية والجمعية ،وبأنماطها التاريخية
والأسطورية ،وكذلك بجوانبها المادية والمعنوية،
فجاءت حبكتها السردية لتشكل -عبر شخصياتها
وأحداثها وفضاءاتها -متحفا ي ّطلع من خلاله القارئ
على نماذج حقيقية وأخرى متخيلة تجسد التعايش
الثقافي والاجتماعي والروحي الذي حفظه المجتمع
المصري لطوائفه في فترات تاريخية مختلفة