Page 110 - ميريت الثقافة رقم (33)- سبتمبر 2021
P. 110
العـدد 33 108
سبتمبر ٢٠٢1
الهوية الجمعية ومرآة للماضي ،وباعتباره شاه ًدا
بار ًزا على تحولات التاريخ وتغييرات الزمن التي
تسري في كل مكان ،فنجد تيوخاري كوتسيكا
حين زار مصر «رغم أنه كان على دراية باسم
المكان وحكايته ،إلا أن رؤيته جعلته يستعذب
الاكتشاف الأول ،حاول أن ينصت إلى الهواء القادم
من ناحية النهر ،فأغمض عينيه متخي ًل أعدا ًدا
كبيرة من الفراعين ،يقطعون بفؤوسهم الصلبة
الحج َر الجيري الأبيض من الجبال التي تحيط بهم
ويحيطون بها».
الذاكرة الأسطورية
من المعروف أن الأسطورة هي جزء من الذاكرة
الجمعية للشعوب ،تتشكل تاريخيًّا عبر مخزون
من المعتقدات والأقوال والعادات التي تتوارثها
الأجيال عبر فترات زمنية طويلة .فهي -وفق
«كارل يونج» -خير معبر عن اللاوعي الجمعي
لدى مختلف الشعوب ،فاللاوعي لا يحتفظ بعوامل
شخصية فقط ،إنما أيضا بعوامل جماعية على شكل
صور موروثة ونماذج بدائيةُ ،يعاد إحياؤها وفق
التمثيلات الذهنية التي تختلف من مكان لآخر.
ولذلك ،نجد مساحات ذهنية تتقاطع فيها الأسطورة
مع التاريخ ويتفاعلان م ًعا داخل الذاكرة الإنسانية
التي تحتفظ بالتاريخ ليس فقط في شكله الواقعي
الملموس كما حدث بالفعل ،إنما أحيا ًنا كذلك في
صورته المجازية الأسطورية التي يعتقد فيها
الأفراد.
وقد فطنت الكاتبة غادة العبسي لهذا التلاقح المثمر
بين الأسطورة والتاريخ وجسدته على صفحات
روايتها التي تتشابك في متنها الحكائي معطيات
الواقع الحقيقي مع مساحات التفكير الأسطوري
عبر استدعاء آلهة الإغريق وآلهة المصريين،
والأساطير اليونانية وكذلك الفرعونية ،والرقصات
اليوناينة الشعبية والأمثال المصرية الشعبية
وغيرها من مستويات ذهنية فوق طبيعية تخص
العالم الأسطوري الذي تعتقد فيه الشعوب بمختلف
الثقافات.
اتضح هذا التفكير الأسطوري في استثمار الكاتبة