Page 112 - ميريت الثقافة رقم (33)- سبتمبر 2021
P. 112

‫نون النسوة‬                                                ‫العـدد ‪33‬‬        ‫‪110‬‬

                                                         ‫سبتمبر ‪٢٠٢1‬‬  ‫د‪.‬أحمد الظفيري‬

                                                                                  ‫(العراق)‬

‫المركز والهامش في رواية‬
  ‫كوتسيكا لغادة العبسي‬

‫مهمة في حياة مصر ما بين أواخر القرن التاسع عشر‬           ‫المركز والهامش ثنائيّة ضد ّية ُتك ّرس الأ ّول و ُته ّمش‬
  ‫وبداية القرن العشرين‪ ،‬استعرا ًضا اجتماعيًّا وثقافيًّا‬
   ‫للعديد من المراكز والهوامش‪ ،‬بد ًءا من نواة المجتمع‬     ‫وتلغي الآخر‪ ،‬وإذا بحثنا فإ ّننا سنجد أن هذه ال ُّثنائيّة‬
      ‫(الأسرة) وصو ًل إلى بنية المجتمع الدولي‪ ،‬ولعل‬      ‫تجمع بين شيئين‪ ،‬تك ّونت بينهما علاقة ضد ّية تنافر ّية‬
  ‫هامشية المرأة مقابل مركزية الرجل كانت الانطلاقة‬
   ‫الأولى التي تبدأ فيها الرواية‪ ،‬فمنذ عتبة الاستهلال‬        ‫شبيهة بال ّصراع الأزلي بين ال ّذات والآخر‪ ،‬و ُيع ُّد‬
                                                          ‫المركز والهامش من أكثر المصطلحات غمو ًضا وإثار ًة‬
‫الأولى للرواية والتي جاءت على لسان القابلة (شوقة)‪:‬‬
   ‫«جاية تعملي إيه في الدنيا يا مره!» وهذا القول جاء‬        ‫للجدل‪ ،‬إذ يدخل في ع َّدة مجالا ٍت منها‪ :‬الاجتماعيّة‬
  ‫عندما ولدت السيدة (صبر الجميل) والتي يظهر لنا‬          ‫وواللعا ّقلتقيصامتدهّيةتكواملنسفياي قسيدّةرتوهالثعلقاىفيّجةمعحيهثذهي اكلثم ُرجاتلدااوتل ُه‪،‬‬
  ‫اسمها طبيعة حياة المرأة العربية ساب ًقا وحتى حاليًا‬
      ‫في بعض الدول‪ ،‬لقد دعم النظام الأبوي تاريخيًّا‬        ‫وتكييف عناصرها‪ ،‬فكلّما تط ّرقنا إلى مجا ِّل من هذه‬
     ‫سلطة الرجل‪ ،‬وحارب كل من يهددها‪ ،‬وأصبحت‬               ‫المجالات إلا وتداخلت معه المجالات الأخرى بشكل أو‬
   ‫معظم العادات والتقاليد وتسيير الشؤون في صنع‬
                                                                        ‫بآخر فيصعب الفصل بينهما أحيا ًنا‪.‬‬
‫الرجل إلى الحد الذي أصبح فيه مفهوم الأنوثة السائد‬        ‫إن ال ّذات العربية المه ّمشة التي تأمل كسر طوق المركز‬
     ‫ذكور ًّيا‪ ،‬ولذلك انبنى التسلسل العائلي على امتياز‬
                                                            ‫الغربي ذا ٌت متعددة يحكمها منطق الثنائية الضدية‬
‫الذكر وجرى اختزال الكيان الأنثوي في وظيفتين فقط‪:‬‬          ‫الحريصة على التراتبية (مركز‪ /‬هامش)؛ وهو منطق‬
‫وظيفة جنسية في خدمة الرجل‪ ،‬ووظيفة أمومية لتربية‬
                                                              ‫تقاومه إنتاجات الروائيين المنتمين إلى الهوامش‪،‬‬
    ‫الأطفال‪ ،‬ولهذا نجد أن دور (صابرة) يتمحور في‬            ‫والذين جعلوا من الحفر في التاريخ سبيلهم لمواجهة‬
 ‫تربية بناتها بصورة عادية لكن اهتمامها ينص ُّب كليًّا‬      ‫مفهوم الهوية وهذا ما وجدناه في رواية (كوتسيكا)‬
                                                         ‫لغادة العبسي‪ ،‬والصادرة عن مركز المحروسة للنشر‬
                           ‫بابنها الوحيد (طلعت)‪.‬‬
                                                                                            ‫في هذا العام‪.‬‬
                                                             ‫نجد في هذه الرواية‪ ،‬التي تغطي مساحة تاريخية‬
   107   108   109   110   111   112   113   114   115   116   117