Page 114 - ميريت الثقافة رقم (33)- سبتمبر 2021
P. 114
العـدد 33 112
سبتمبر ٢٠٢1
الرواية مثل شخصيات بنات عبد العليم وصديقه المجتمع ،فالشخص الهامشي هو الذي لا يتدخل
مصطفى وأزواجهن ،كذلك شخصيات العاهرات ومن كثي ًرا في أمور الحياة ولا يكون له دور واضح في
يعمل معهن ،فالمهمشون والفقراء طبقات ُغيّبت عنها صناعة الأحداث والتغيرات الكبيرة ،وهذه الشخصيات
تناساها الأدب الكلاسيكي الذي كان يركز على البطل
حقوق الحياة والعيش الكريم ،وقلي ًل ما تم تناول
معاناتها ،وإن كانت ُهم ّشت -عن واقع الحياة- الفاعل في صناعة الحدث.
والمهمش بشكل عام هو من يقصى بشكل متعمد
لأسباب سياسية واقتصادية وعرقية ،ولم تجد من من نسق إنساني اجتماعي وثقافي غالب ،ومهمين
يسمع أنينها وصرخاتها ،فإن عالمي الرواية والقصة على الفضاء المكاني والزماني الذي يتحرك به الفرد،
ولنلاحظ أن المهمش يختلف عن المنفي ،فالمنفي قد
أنصفاها بعدما امتلأ الأدب العربي بقصص هذه يكون اختار المنفى ،فهو منفي باختياره الإنساني
الطبقات ،وكانت معاناتها موضوع كثير من الروايات، المحض ،لكن المهمش هو معزول عن قصدية تقف
وفي الآونة الأخيرة كثرت في الجلسات النقدية للأعمال خلف هذا الغياب .والمهمش هو حاضر ولكنه يغيب
الأدبية مصطلحات تصف أصحاب هذه الأعمال بأنهم عن ذهن المجتمع لأسباب عدة ،وهي عدم الإحساس
منحازون لهذه الطبقات المظلومة ،حتى شكل الاهتمام بأهمية هذا الفرد ،وهذا أهون هذه الأسباب ،وأما
بقية الأسباب فتتدرج بين الحسد والغيرة والتنافس
بهم ظاهرة أدبية وسمت بها أعمال بعض كتاب على مركز معين ،والخوف من سلطة المهمش المعرفية
السرد. والإنسانية ،فيقصى كي لا يزيح المتن ،أو قد يكون
التهميش نات ًجا عن الاختلاف ،فالمختلف غير مرغوب
ومن الشخصيات المهمشة عرقيًّا شخصية سمعان بالجماعات الإنسانية .وليكن أمام أعيننا مبدأ واضح،
اليهودي ،الذي تعرض المؤلفة لمعاناته كونه مختل ًفا إنه لا يهمش إلا من يخاف خطره وقوته في التأثير،
دينيًّا ويعتنق الديانة اليهودية التي ورثها عن عائلته، فالوعي لا يعزل إلا المهم الذي يرى أن له قوة تزلزل
على الرغم من كونه مصر ًّيا لكنه كان مبع ًدا قس ًرا، هذه الذات الثابتة ،إلا في حالات إبداعية ضعيفة
وركيكة فإنها تصارح بموقعها ولا تعزل.
ونجد في رواية كوتسيكا عدد من الشخصيات
الهامشية التي حاولت الكاتبة تسليط الضوء عليها
ولو لبرهة ،وتبيان أهميتها حتى ولو أدى ذلك إلى
عدم وضوح الشخصية أو ظهورها بشكل كا ٍف،
مث ًل شخصية الرجل المصري الذي أنقذ مجموعة من
الشباب اليوناني ومنهم كيكي التي أصبحت زوجة
تيوخاري ،والذي ُقتل على يد والد كيكي وأخيها بعد
أن اعتقدا أنه من المصريين الذين يريدون مهاجمة
بيوتهم ،هذا الشخص الذي ُقتل ظل ًما ولم يظهر في
الرواية بشكل كا ٍف يمكن أن نعده من الشخصيات
الهامشية التي تؤدي دو ًرا وتختفي ،كذلك وجودها
الاجتماعي ،وهذا النوع من الشخصيات كثير في
الرواية ،فمنهم شخصية فارنشسكو زاميت الذي
افتعل مشكلة مع سائق الحنطور سيّد وبسببه
ثارت الإسكندرية ونشبت حرب أهلية داخلها ،كذلك
شخصيات عديدة هامشية في المجتمع ظهرت في