Page 123 - ميريت الثقافة رقم (33)- سبتمبر 2021
P. 123
نون النسوة 1 2 1 مذكورة ذك ًرا لا ج َّدة فيه ،والأصوات المركزية
(الأبطال) في الجزئين منتمية إلى ما ُيس ّمى نقد ًّيا
وهي اجتماعية؛ لأنها كانت مهتمة بالشخصيات في بـ»المحاكاتية الواطئة» وتعني تلك الأصوات التي
مظهرها الاجتماعي لا النفسي لاستثناء ما ذكرناه «لا تتفوق على الآخرين ،ولا على محيطها» (ينظر
بخصوص (شوقة) ،فض ًل عن ذلك أنها لم تهتم نظرية السرد الحديثة :والاس مارتن ،ترجمة:
اهتما ًما متساو ًيا بالحدث ،وتكون الشخصيات د.حياة جاسم محمد ،ص ،)41وعلى الرغم م َّما
يقدمه التجريب الشكلي من وظيفة أدائية تح ّول من
في هكذا نوع روائي متّسمة بالثبات بحسب رأي خلالها الرواية التسجيلية إلى سرد ،أو التخلص من
إدوين موير (ينظر له بناء الرواية ،)13 :ونجد خلاله من الوسائل التقليدية في كتابة الرواية ،نلحظ
في الرواية تعاط ًفا مع اليهود ،لكنّه تعاطف مبني أن هذه الرواية لم تستطع الخروج من تسجيليتها،
على فكرة أنهم مهاجرون يونانيون إلى مصر بل بقيت منقادة إلى تسجيليتها الاجتماعية ،مع
ورود التسجيلية النفسية التي ظهرت واضحة في
ق ّدموا خدمات صناعية ومنها مصنع الخمر ،ولكن الأثر النفسي لـ(شوقة) ،إذ حاولت التخلص من
هذا البناء التسويغي لا يبرئ الرواية من نيات الضغوط النفسية التي تركتها القابلة وبسببها
سياسية ُمضمرة مرتبطة بالحراك السياسي الداعي فقدت طفلها.
إلى التطبيع ،وغير ما قلناه لم تستطع الرواية
أن تتجاوز سابقاتها من الروايات العربية ذات
المنحى الاجتماعي؛ والسبب في ذلك أنها لم تتفاعل
مع تطور الحياة وتعقيداتها الجديدة وتمثلاتها
المعاصرة ،فأثقلت نفسها بالتاريخ والتسجيل
الاجتماعيين ،فالرواية لم تخالف التتابع التاريخي،
ولم تستفد من تقنيتي الاستباق والاسترجاع كثي ًرا،
وظلت وفية للتسلسل الزمني للأحداث ،وهذه سمة
مهمة من سمات الرواية التسجيلية بحسب رينيه
ويليك وواستن وارن ( ُينظر نظرية الأدب ،ترجمة:
محي الدين صبحي.257 :
واتسمت الرواية بالضبط النحوي للغة باستثناء
بعض الهنات المختلف عليها أص ًل ،لكن الأسلوب
اللغوي كان أقرب إلى لغة الصحافة بما تستوجبه
قصدية الإبلاغ أو التوثيق والتسجيل ،والميل نحو
الدارجة في الجزء المصري -كما أشرنا ساب ًقا-
وحضور اللغة الدارجة في هذا المقطع كان احترافيًّا،
بل أضفى فنية ذات وظيفة تقريبية أو إقناعية.
ومن المؤشرات المهمة في هذه الرواية أنها أثارت
إشكاليات اجتماعية كثيرة منها ختان النساء
المصريات ،والعلاقة غير العادلة بين المرأة وزوجها،
وطريقة الزواج ،وإصرار الإنسان على الخطأ أو
الانحراف ،والهجرة وآثارها المستقبلية ،وأثر
الاستعمار أو الاحتلال على البلد ،وبجوار هذه
الإثارات لم تعط حلو ًل وهذا الإجراء السردي أراه
ممي ًزا؛ لأنه يخلص الأديب من قيود نظرية الفن
للحياة التي حولت نصو ًصا أدبية كثيرة إلى الجمود
وآذت في الوقت نفسه باثيها