Page 126 - ميريت الثقافة رقم (33)- سبتمبر 2021
P. 126
العـدد 33 124
سبتمبر ٢٠٢1
هذه النقطة تحدي ًدا. ومجوهرات ويترك البقية في رعاية المسيح حتى
إن السمة الأولى التي تقابلك وأنت تلج بوابات يعود( ..الرواية -ص)84
هذه الرواية هي اللغة الشعرية .والذي نود أن
نشير إليه مع كثير من النقاد ممن سوانا هو أن من خلال هذه المقاطع الخطابية حاولت الروائية
للشعرية داخل المتن الروائي أبوا ًبا عدة قد يكون استحضار كم هائل من الأحداث المتداخلة حتى
أهمها ما جاء من الأفق الفلسفي. تثبت مدى نجاعة الفكر المجتمعي الذي يقدس
ماذا ترى يقول الفلاسفة عن الشعرية وهي المرويات (الأساطير ،الحكايات الشعبية ،الأحداث
تلتصق بالأدب عمو ًما وربما بالرواية تحدي ًدا؟
الفكرة الأكثر ورو ًدا هي تحسن ظرف الأداء التاريخية )..ومدى فاعلية هذه الطقوس في
في حياة يغلب عليها طابع الشعور بالأسف. تشكيل منظومة فكرية مسالمة وغير قادرة على
يسمي هايديغير هذا الأمر بإعادة القدرة على رفض مخلفات التاريخ ،وفي المقابل يمكن القول
الانبهار بالعالم الذي فقد سحره في الزمن إن الروائية عملت مرة أخرى على استحضار
التكنولوجي ..ويفسر الأستاذ فيصل الأحمر الذاكرة الجماعية المقهورة من قتل التيارات
الأمر بشكل فلسفي آخر قائ ًل بأن السرد غالبا الأجنبية ،فأخرجت الخطابات من عمق اللاشعور
وفرضته على المنظومة النصية بطريقة أعادت
ما يستعين بالشعر لأن النصوص الحديثة بعث الحياة مرة أخرى في النصوص ،التي كانت
تأتي بشكل يستدعي الشعر تلقائيًّا؛ فهو شكل هي الأخرى تعاني من التهميش ،فأعادت لها
مشبع بالتلاعب باللغة الشعرية التي تتماشى الاعتبار وفرضتها على المنظومة المجتمعية.
وإيقاع المشاعر الذي هو موضوع الذي صار العودة إلى نظام العنونة الذي اعتمدته الروائية
في تشكيل عملها جعلها تكتب خطا ًبا يسير وفق
يسترعي اهتمام الإنسان الحديث ،فكتاباتنا مسار متجدد يتيح الفرصة للقارئ بأن يتأمل
المعاصرة تحتوي على دعوات عميقة للتفكير، جي ًدا حقيقة التاريخ ويعيد قراءة الأحداث،
ويحاول إثبات ذاته أو البحث عنها داخل هذه
وتتضمن طروحات فلسفية حول التغيرات
المزاجية والخيبات العاطفية ،وتقلبات المواقف، المدونة.
وكذا تحولات الحب ،الخيانة ،الوفاء والثبات على ونحن نقلب صفحات الرواية التي تشبه إلى
أرضيات متحركة متبدلة ..إلخ( .من مقدمة كتابه حد ما ألبوم الذكريات الذي يعيد نفسه في كل
«سياسات الخطاب الأدبي ،في المقاربة الفلسفية مرة ،وفيما نحاول أن نمارس فعل القراءة على
هذه النصوص التي تتكاثر بسرعة معتمدة
للخطاب الأدبي»)2019 ، على كسر الأنسجة المحيطة بالمنصة الخطابية،
وقد تكون هذه الفكرة أقرب إلى حالة غادة نصاب بالدهشة أو الحيرة في سرد الأحداث،
بقدر ما نصاب بالحزن من جراء قساوة المواقف
العبسي كما سنرى لاح ًقا. والتجارب التي تجسدها المشاهد النصية عن
أجمل ما في الرواية هي تلك النماذج البشرية
طريق اللغة.
الرائعة .هنالك عدد كبير من الشخصيات وذلك ديدن الأدب العالي.
تلعب أدوا ًرا متفاوتة الأهمية تتحرك على أديم
الرواية بأريحيات متفاوتة أي ًضا ،وتثيرنا هذه الروائي /الشعري /الإنساني
«البورتريهات» البشرية بشكل غريب لأسباب
عديدة ،على رأسها -فيما نراه -النفحة الشعرية إن دور شعرية اللغة هو تحسين ظرف
العالم ،وهو نفسه الدور الذي تلعبه هذه اللغة
التي تمزج الروائي بالشعري بالإنساني. داخل الروايات ذات النزوع الشعري .ورواية
تقول الروائية في بدايات روايتها على لسان «كوتسيكا» واحدة من أجمل هذه الروايات في
بطلتها« :ولكني كن ُت ُمش َب ًعا بالأمل ،مثل الهواء
المشبع برائحة السمك في شباك الصيد ،أحمل
طمو ًحا جام ًحا لا َي َس ُعه َو َط ٌن ،أحضر له منذ