Page 76 - ميريت الثقافة رقم (33)- سبتمبر 2021
P. 76
العـدد 33 74
سبتمبر ٢٠٢1
حسن حميد
(فلسطين)
سوق السمك!
مثل جمال الورد يذبل سري ًعا ،ومن ُيقبل عليها لا أدري ،من حملني على هذه الرغبة الخرافية
اليوم قد يص ّد عنها غ ًدا ،وتخ ّوفها من أن الطامعين المجنونة؟!
بها في ازدياد ،وربما يتجاسر أحدهم ويخطفها! ما أدريه هو أنني قرر ُت أن أرى (مجيدة) قبل أن
فيأخذها إلى ما وراء البحر! وترجوها أن تختار أموت ،لكي أعتذر إليها ،وبالصوت العالي ،أمامها،
رج ًل غنيًّا ،لكي تخرج وإياها من حطام الدنيا، وأمام الآخرين ،لأقول لها بأنني أخطأت بحقها،
وإنني ظلمتها ،ولا أريد منها شيئًا سوى المسامحة،
فتودع وإياها عثرات الحياة ،وأسئلتها المرة! أن تقول لي هم ًسا أو جه ًرا :سامحتك يا (رشيد)!
لكن (مجيدة) لا تستجيب لأمها (الخالدية) ،إلا
لكي أمضي ،بعدما امت َّد بي العمر ،إلى خاتمتي
بالضحك! باطمئنان شديد!
فيطير عقل (الخالدية) وتتهمها بالجنون و(شوفة
الحال) ،وتحدثها عن عماء غير العماء الذي دهم لكن أين أجد (مجيدة) الآن؟! بعد مرور كل هذه
السنوات الم ّرة! وبعد كل هذا الغياب الطويل الموجع!
عين ْي (مسعودة) الطفلة التي أصيبت بالجدري! سؤال أدمى قلبي ،وساهرني الليالي الطوال الفائتة!
فتقص عليها حكاية الأمراء السبعة الذين سمعوا
عن جمال (قطر الندى) ابنة راعي الغنم ،فجاؤوا ثمة دق شديد يرج قلبي لكي يطاوعني من أجل
إلى الراعي طالبين القرب منه ،مرات كانوا يحظون البحث عن (مجيدة) وثمة نداءات تشعل الحرائق في
روحي ،لكي أنتشل طولي ،وأم ّد خطاي نحو الدروب
برؤيتها في البيت ،ومرات يذهبون إلى المراعي
ليحظوا برؤيتها هناك ،لأنها كانت ترعى المواشي الموصلة إليها! وعقلي الذي عصاني سنوات طوا ًل
بد ًل من والدها المريض! ومع أن (قطر الندى) كانت يأمرني أم ًرا كي أبحث عنها!
فقيرة ،إلا أنها كانت تلمع في نظر الأمراء وتتوهج
يالـ(مجيدة) كم كانت بهجة الحياة والدنيا!
مثل حجر كريم! امرأة من ألوان ،وأشواق ،وأحلام ،ومسرات ،لا
كان أبوها الراعي ،وبعد أن رفضت الأمراء السبعة! تنتهي! كانت أشبه بقلعة ،اجتاحتها رغائب الرجال
وأحلامهم ،لكنها تحطمت جميعها على عتباتها،
يسألها ،لماذا لا تقبل بواحد منهم وهم زينة، وقرب أسوارها .كم وكم من الخلق خطبوا و ّدها،
ولديهم المال ،والجاه ،والرجال ،والقصور! فتقول ولم تر َض بواحد منهم! كم اندلقت المغريات أمامها
له :لأنني لا أريد أن ألحق العار بواحد منهم! لأن وانداحت لكي يظفر أصحابها ..بها! لكنها رفضت،
الناس سيقولون ،الأمير تزوج بنت الراعي .ولأنني
سأورثك الأحزان ،لأن الناس لن ينسوا ماضيك وكأنها لا تراها! وكم عاتبتها أمها (الخالدية)
كيفما مضيت ،وأينما حللت ،سيتحدث عنك الناس ولامتها لأن فرص الحياة قليلة ،ولأن جمال البنات