Page 152 - merit 51
P. 152

‫خورخي لويس بورخيس‬            ‫إذا كان رونالدو ‪-‬بعقده الجديد‪ -‬يربح‬
                                    ‫وهو جالس على الدكة أو نائم في‬
  ‫بسيط‪ -‬في الوعي الكروي‬
   ‫استلزم اختراع «وسيط»‬         ‫فراشه ما يعادل نصف مليون جنيه كل‬
                                  ‫ساعة‪ ،‬فلا بد أن استثماره لن يتوقف‬
     ‫مناسب له‪ .‬باتت هناك‬              ‫فحسب على أدائه في الملعب‪ ،‬بل‬
‫حاجة إلى حكم‪ ،‬ومدير فني‪،‬‬           ‫كل قطعة فيه بد ًءا من رقم فانلته‪،‬‬

   ‫وطبيب‪ ،‬ومدرب أحمال‪،‬‬          ‫حتى حواجبه‪ ،‬ستكون موضع استثمار‪.‬‬
           ‫ومدير تسويق‪.‬‬              ‫فشراهة العوائد لا سقف لها‪ .‬كل‬
                                    ‫نجم بمثابة حصان طراودة يختفي‬
   ‫زادت القواعد واخترعت‬
     ‫الفرق لنفسها قمصا ًنا‬       ‫في داخله عشرات الأفراد والمؤسسات‬
                                                ‫والشركات‪ ،‬بح ًثا‪ ‬عن‪ ‬ربح‬
  ‫وشارات تذكرنا بشارات‬
  ‫القبائل البدائية المتحاربة‪،‬‬      ‫بأنفسهم‪ ،‬ويستمر اللعب‬       ‫نفسه لا تغيب عن المشهد‬
  ‫وأغنيات موازية للأناشيد‬       ‫بلا زمن ولا خطوط واضحة‬          ‫القداسة الرمزية للحذاء‪،‬‬
                                                             ‫ليصبح عرضه وراء زجاج‬
     ‫القومية‪ .‬أصبحت كرة‬                           ‫للملعب‪.‬‬        ‫شفاف‪ ،‬مشاب ًها لعرض‬
‫القدم سو ًقا معق ًدا وواس ًعا‪،‬‬          ‫لكن كل متعة تخلق‬     ‫الأيقونات الدينية في المعابد‪.‬‬
‫ومحر ًكا للبورصات العالمية‪.‬‬     ‫استثمارها بالضرورة‪ ،‬وهو‬
‫مع التوسع التدريجي‪ ،‬وهو‬           ‫ما يتطلب خطو ًطا للملعب‪،‬‬        ‫لو حللنا مفهوم «محل‬
 ‫ليس عفو ًّيا‪ ،‬اخترع الوعي‬            ‫وسو ًرا يعبره جمهور‬   ‫الجواهرجي» في تلك القصة‪،‬‬
                                    ‫بتذاكر‪ .‬كل تطور ‪-‬ولو‬
    ‫الكروي مجالس إدارات‬                                        ‫فهو الفضاء الوسيط‪ ،‬بين‬
‫الأندية‪ ،‬والاتحادات الكروية‬                                 ‫اللاعب وجمهوره‪ ،‬القناة بين‬
‫المحلية‪ ،‬وصو ًل إلى «الفيفا»‬
 ‫التي تأسست مفتتح القرن‬                                        ‫الرمزي والمادي‪ ،‬والمنوط‬
                                                              ‫بها صيانة المعنى‪ ،‬وتداول‬
 ‫العشرين‪ ،‬وظلت طيلة مئة‬
‫عام تفرض قواعدها وتعمم‬                                              ‫العوائد المالية أي ًضا‪.‬‬
  ‫نموذجها وتوسع هيمنتها‬                                        ‫لو رجعنا إلى بدايات كرة‬
 ‫وتعاظم أرباحها‪ ،‬بوصفها‬                                        ‫القدم في العصر الحديث‪،‬‬
                                                             ‫فهي كانت تسلية تائهة بين‬
                                                            ‫لعبات مختلفة تدار بالأرجل‬

                                                                  ‫والأيدي‪ .‬حتى مفهوم‬
                                                               ‫«الحكم» لم ُيبتكر‪ .‬كل ما‬
                                                              ‫هنالك ينقسم اللاعبون إلى‬
                                                              ‫فريقين لقضاء وقت ممتع‪،‬‬
                                                                ‫ويفصلون في الصراعات‬
   147   148   149   150   151   152   153   154   155   156   157