Page 225 - merit 51
P. 225

‫‪223‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫كتب‬

 ‫«عبد الله بن أنس»‪ ،‬وفي «وشاح‬           ‫كثير من مواضعها بالشاعرية‪.‬‬           ‫فاللون الوردي يرمز للحرية‬
  ‫وردي لرجل وحيد» اسمه «عبد‬                       ‫الصور والتراكيب‪:‬‬         ‫والشاعرية وهو ما يؤكده حبه‬
  ‫الله بن يحياوي»‪ ،‬بينما لم يخل‬                                            ‫للموسيقى والقراءة‪ ،‬بينما تنبع‬
‫أي ًضا من عبد الله في قصة «النمل‬           ‫حفلت القصص رغم جديتها‬           ‫وحدته من اختلافه عمن حوله‬
‫والقات»‪ ،‬فكان اسمه «محمود بن‬                ‫وقسوة أفكارها وواقعيتها‪،‬‬       ‫ورغبته في التحرر والثورة على‬
                                      ‫بصور مجازية تقارب في معظمها‬           ‫الأوضاع القائمة في كل مكان‬
              ‫عبد الله الزبيري»‪.‬‬           ‫معجم المدرسة الرومانسية‪،‬‬
‫وربما يشير اسم «عبد الله» الذي‬               ‫وربما استطاع من خلالها‬                       ‫يتعرض للظلم‪.‬‬
                                        ‫التخفيف من وطأة الأفكار وما‬      ‫الوشاح‪ :‬يدل على الهجرة الدائمة‪،‬‬
  ‫اشتهر بين العرب على اختلاف‬          ‫تشيعه من شجن فرضته الحالة‪.‬‬          ‫وعدم الاستقرار في مكان بعينه‪،‬‬
     ‫جنسياتهم وأديانهم‪ ،‬للعربي‬            ‫وقد استطاع أن يبتكر صو ًرا‬
                                         ‫واستعارات تعد في الفترة التي‬        ‫فهو دائ ًما ما يرتدي وشاحه‬
  ‫فحسب‪ ،‬فهو اسم دال وكاشف‬                 ‫ظهرت بها المجموعة «الطبعة‬                             ‫ويغادر‪.‬‬
                       ‫للعروبة‪.‬‬         ‫الأولى ‪ ،1975‬الأخيرة ‪،»2006‬‬
                                          ‫غير مسبوقة ورائدة‪ ،‬وهو ما‬               ‫السرد‬
     ‫بينما نلحظ مرجعية الأسماء‬             ‫يحسب له قط ًعا‪ .‬فتعد قصة‬
  ‫التراثية‪ ،‬والتي لا تلائم العصر‬       ‫«وشاح وردي لرجل وحيد» من‬           ‫استخدم الكاتب في قصصه لغة‬
   ‫الحديث‪ ،‬فهناك قصدية للدلالة‬            ‫أكثر قصص المجموعة احتفاء‬        ‫سردية بليغة‪ ،‬اعتمد في معظمها‬
                                       ‫بالصور والمجازات‪ ،‬مثل‪« :‬اغتيل‬
      ‫على موقف العربي المتخاذل‬         ‫عصفور الفرح من الداخل بطلقة‬          ‫على الراوي العليم‪ ،‬عدا القليل‬
       ‫والذي لم يتغير منذ زمن‪.‬‬           ‫بندقية وصمت البحر»‪« ،‬لا بد‬       ‫منها‪ ،‬مثل قصة «من الذي يذكر‬
         ‫ربما عاب بعض قصص‬              ‫أن نعود مرة أخرى‪ ،‬لا عصافير‬
      ‫المجموعة البعد عن التكثيف‬       ‫هذه المرة‪ ،‬ولكن صقو ًرا تهبط من‬         ‫الغابة» والتي استخدم فيها‬
        ‫والميل للإطناب خاصة في‬           ‫ذرى الجبال» ص‪« ،161‬وتقول‬            ‫الراوي السارد‪ ،‬حيث طبيعة‬
                                      ‫بيروت تحت القصف‪ :‬أنا الشجرة‬           ‫الفكرة التي يلائمها أكثر قرب‬
   ‫الوصف‪ ،‬والاستطراد‪ ،‬وهو ما‬           ‫المباركة التي نضج ثمرها باك ًرا»‬       ‫البطل وتداخله مع الأحداث‬
  ‫يبدو جليًّا في قصة «الفيضان»‪،‬‬                                            ‫لسهولة الولوج لمشاعره كمثال‬
   ‫التي رغم قيمة فكرتها وغناها‬                               ‫ص‪.166‬‬           ‫ونموذج للشعب‪ .‬بينما اعتمد‬
  ‫بالصور والتراكيب المبتكرة‪ ،‬إلا‬                           ‫العناوين‪:‬‬
  ‫أنه قد جانبها التركيز والإيجاز‬      ‫تميل عناوين القصص في معظمها‬              ‫الراوي العليم في القصص‬
                                        ‫للرمزية‪ ،‬بينما يبدو القليل منها‬  ‫الأخرى لقدرة الأخير على كشف‬
     ‫وهو أهم ما يجب أن تتصف‬           ‫واض ًحا مباش ًرا مثل عنوان قصة‬
    ‫به القصة القصيرة‪ ،‬فيبدو أن‬                              ‫«الرهان»‪.‬‬          ‫الأحداث من زوايا متعددة‬
‫الفكرة كانت مسيطرة على الكاتب‪،‬‬                         ‫دلالة الأسماء‪:‬‬       ‫بكاميرا فوقية‪ ،‬يعجز عنها أي‬
   ‫كذلك رغبته في أن يورد أحدا ًثا‬     ‫لم يحمل معظم أبطال قصص تلك‬
   ‫متلاحقة ومشاعر عديدة كانت‬          ‫المجموعة أسماء‪ ،‬فرمز إليهم عبر‬                ‫نوع آخر من الرواة‪.‬‬
 ‫سببًا واض ًحا وراء انزواء عنصر‬          ‫الراوي العليم بكلمة «الرجل»‪،‬‬        ‫اللغة في قصص المجموعة‪:‬‬
  ‫التكثيف بالمعنى المعروف لدينا‪.‬‬         ‫بينما من حمل منهم اس ًما كان‬    ‫استخدم الكاتب في مجموعته لغة‬
    ‫ختا ًما فإن مجموعة كتلك تع ُّد‬    ‫اس ًما واح ًدا اشترك فيه كل أبطال‬   ‫بليغة ورصينة‪ ،‬وهو ما تتصف‬
                                        ‫القصص‪ ،‬وهو «عبد الله»‪ ،‬ففي‬           ‫به كتابات حيدر حيدر عامة‪،‬‬
     ‫نموذ ًجا ثر ًّيا لأدب المقاومة‪،‬‬  ‫قصة «الفيضان» كان اسم البطل‬          ‫لمرجعيته اللغوية حيث تخرجه‬
  ‫وتأري ًخا أدبيًّا لفترات مهمة مر‬                                       ‫في معهد المعلمين وعمله في إحدى‬
                                                                            ‫فترات حياته بالتدقيق اللغوي‬
         ‫بها الوطن العربي بعامة‬                                               ‫والصحافة‪ .‬مفرداته منتقاة‪،‬‬
                                                                          ‫وكأن لكل مفردة مكانها الذي لا‬
                  ‫هامش‪:‬‬                                                  ‫ينازعها فيه غيرها‪ ،‬كما تتميز في‬

     ‫* من كتاب «أدب المقاومة‪..‬‬
 ‫المفاهيم والمعطيات»‪ ،‬السيد نجم‪.‬‬
   220   221   222   223   224   225   226   227   228   229   230