Page 223 - merit 51
P. 223

‫‪221‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫كتب‬

               ‫أنور السادات‬                      ‫حيدر حيدر‬                    ‫بل إنهم قد اتفقوا على حقارة‬
                                                                              ‫الرهان‪ ،‬وكأن المرتهن عليه لا‬
  ‫حتما سينزل عن صهوة موكبه‬              ‫العودة‪ ،‬والأخ الأكبر‪ ،‬وهو ما‬
 ‫ويصافح الجميع‪ ،‬فهو كما يقال‬          ‫يرمز لقيمة مصر بين شقيقاتها‬              ‫يستحق رها ًنا باه ًظا‪ ،‬فنرى‬
                                                                               ‫الفلسطيني يقول «وهو أكثر‬
   ‫رغم شدته مع الأعداء‪ ،‬إلا أنه‬         ‫العربية‪ ،‬ودورها الريادي منذ‬           ‫العرب تضر ًرا»‪« :‬لا تضخموا‬
   ‫يحمل قلبًا محبًّا عطو ًفا‪ ..‬هكذا‬                           ‫القدم‪.‬‬      ‫الرهان‪ ،‬من كبَّر الحجر ما ضرب‪،‬‬
                                                                               ‫ليكن عمن يدفع ثمن القهوة‬
      ‫سمعوا كما يسمع الجميع‪.‬‬         ‫قصة «من الذي يذكر الغابة؟»‪:‬‬
   ‫يصف الكاتب استعدادات تلك‬          ‫يبدو عنوان القصة دا ًّل وكاش ًفا‪،‬‬                          ‫للجميع»‪.‬‬
  ‫القرية النائية لاستقبال القادم‪،‬‬    ‫فالغابة مكان قوت وعمل الفقراء‪،‬‬       ‫ونلحظ أي ًضا استخدامه لمثل يرمز‬
   ‫فقد اصطفوا وقو ًفا ينتظرونه‬
   ‫رجا ًل ونسا ًء وشيو ًخا‪ ،‬كل في‬               ‫فمن ذا يذكر الفقراء؟‬        ‫للمقاومة الفلسطينية باستخدام‬
  ‫أبهى زينته‪ ،‬يحمل كل منهم ما‬           ‫فالقصة تشي بأكاذيب القرب‬                 ‫الحجر «من كبر الحجر ما‬
    ‫ع َّن له من ورود وتمر ولبن‪،‬‬      ‫من الفقراء والعامة‪ ،‬وأنها جمي ًعا‬
                                        ‫شعارات ليس إلا‪ ،‬فهناك بطل‬          ‫ضرب»‪ ،‬في مفارقة تدعو للتأمل‪.‬‬
     ‫تحية له‪ ،‬وهو هنا يؤكد فقر‬          ‫منتصر‪ ،‬ربما كان رئي ًسا لبلد‬        ‫فالقصة على بساطتها ووضوح‬
‫هؤلاء وبساطتهم‪ ،‬فهم لا يملكون‬           ‫انتصرت لتوها في حرب‪ ،‬لكنه‬
                                       ‫على كل حال صار بط ًل‪ ،‬وربما‬            ‫فكرتها ولغتها‪ ،‬إلا أنها تحفل‬
      ‫سوى طعام الفقراء «التمر‬           ‫كان يرمز هنا للسادات‪ ،‬حيث‬            ‫بالكثير من الدلالات والرموز‪.‬‬
‫واللبن»‪ ،‬وليس لديهم ما يقدمونه‬                                             ‫فرغم أن المصري ثالثهما‪ ،‬إلا أن‬
                                              ‫كتبت القصة في ‪.1973‬‬           ‫هناك ما يشير إلى إدراك الكاتب‬
  ‫من هدايا سوى الورود ونبات‬                ‫وبينما ينتظر عامة الشعب‬            ‫لاختلافه‪ ،‬فبينما يقول إنه قد‬
 ‫الغار الذي جمعته الفلاحات من‬          ‫والفقراء والفلاحون ذلك البطل‬       ‫كتب على جواز أحدهم فلسطيني‪،‬‬
                                        ‫المغوار القادم ما ًّرا من قريتهم‬    ‫وعلى جواز الآخر سوري‪ ،‬نراه‬
                        ‫الغابة‪.‬‬          ‫الصغيرة‪ ،‬منوا النفوس بأنه‬            ‫قد أنهى جملته بقوله‪« :‬وكان‬
‫«من كل مكان جاؤوا منه‪ ،‬حملوا‬                                               ‫الآخر مصر ًّيا»‪ ،‬ص‪ ،13‬في تأكيد‬
 ‫باقات من الزهر وأغصان الغار‬                                               ‫أن جنسية المصري ليست مجرد‬
                                                                          ‫خانة في جواز سفره فهو مصري‬

                                                                                                     ‫ح ًّقا‪.‬‬
                                                                            ‫والأمر ذاته يؤكده وصفه لردة‬

                                                                              ‫فعل المصري الذي حافظ على‬
                                                                              ‫صمته ولا مبالاته وهو منكب‬
                                                                             ‫على قراءة الجريدة؛ بينما يكاد‬
                                                                           ‫صديقاه يتشاجران اختلا ًفا‪ ،‬فما‬
                                                                              ‫كان منه إلا أن أنهى الخلاف‬
                                                                               ‫باقتراح الرهان‪« :‬ولكي يعاد‬
                                                                              ‫الهدوء قلي ًل بين متخاصمين‬
                                                                            ‫في مقهى في مدينة غريبة‪ ،‬رمى‬
                                                                           ‫المصري جريدته‪ ،‬أشعل سيجارة‬
                                                                             ‫ثم قال باتزان بارد‪ :‬ما رأيكما‬

                                                                                     ‫برهان»‪ .‬ص‪.19 -18‬‬
                                                                          ‫إنه المصري الذي رغم ما بدا عليه‬
                                                                           ‫من لا مبالاة فهو الفيصل ونقطة‬
   218   219   220   221   222   223   224   225   226   227   228