Page 227 - merit 51
P. 227

‫‪225‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫كتب‬

        ‫الدقيق لشخصيات الرواية‬                 ‫عز الدين جلاوجي‬            ‫الأشخاص ويصور وقائع حدثت في‬
             ‫وانفعالاتها النفسية‪.‬‬                                                                ‫مكان ما‪.‬‬
                                     ‫الجنرال” ذات الجاه والمركز فتعمل‬
       ‫الدراما هي جزء من الواقع‬         ‫على التستر على الجريمة‪ ،‬وتلفق‬       ‫بأسلوب مباشر عمد الروائي عز‬
     ‫الاجتماعي بكل ما يحتويه من‬        ‫التهمة لأحد شباب المنطقة “كريم‬      ‫الدين جلاوجي في هذه الرواية إلى‬
‫قضايا وأحداث‪ .‬والحدث هو المحور‬         ‫السامعي” الفنان المثقف الخلوق‪.‬‬       ‫الكشف عن الأمراض الاجتماعية‬
   ‫الرئيس الذي تتفاعل معه جميع‬                                             ‫والتجاوزات الأخلاقية والسياسية‪،‬‬
    ‫عناصر البناء الروائي‪ .‬والحدث‬     ‫ثم ُيطوى ملف التحقيق دون العثور‬       ‫التي حدثت أو يمكن لها أن تحدث‬
‫الدرامي في رواية الرماد الذي غسل‬                    ‫على جثة الضحية‪.‬‬
 ‫الماء الذي تولدت على إثره مجموعة‬                                                      ‫في أي مجتمع عربي‪.‬‬
‫من الأحداث الفرعية عكست صو ًرا‬             ‫بعد خمس سنوات من وقوع‬          ‫الرماد الذي غسل الماء رواية تنتمي‬
  ‫من الدراما الاجتماعية‪ ،‬هو وقوع‬     ‫الحادثة‪ ،‬تتناول الصحف من جديد‬
  ‫حادث سيارة كان يقودها الشاب‬          ‫حادثة القتل واختفاء جثة المعتدى‬          ‫إلى الاتجاه الواقعي الحداثي‪،‬‬
    ‫عزيز بوالطويل الذي كان تحت‬                                               ‫اشتغل فيها جلاوجي على تقنية‬
    ‫تأثير الخمر‪ ،‬حين دعس عزوز‬           ‫عليه‪ .‬وينتشر خبر ظهور عزوز‬         ‫المشهد الذي يجعلها أقرب للسينما‬
  ‫المرنيني في ليلة ماطرة‪ ،‬ثم انقلبت‬       ‫المرنيني في إحدى مناطق عين‬           ‫منها للرواية‪ .‬تقوم على السرد‬
                                          ‫الرماد بشهادة عيان‪ .‬وتتحول‬         ‫التخييلي‪ .‬فـ”مدينة عين الرماد”‬
           ‫به السيارة بعد فراره‪.‬‬                                          ‫مدينة وهمية حبكت مخيِّلة الروائي‬
  ‫يمر كريم السامعي بالصدفة على‬          ‫حادثة “الجثة المختفية” إلى وهم‬     ‫نسيج أحداثها‪ .‬تمثلها مجموعة من‬
   ‫مكان الحادثة‪ .‬يبلغ الشرطة عن‬      ‫‪-‬بظهور صاحبها‪ -‬دفع ثمنه كريم‬           ‫الشخصيات الخيالية‪ ،‬منها المثقف‬
 ‫وجود الجثة‪ ،‬ويدخل فواز المصحة‬       ‫السامعي الذي قضى خمس سنوات‬
‫الاستشفائية‪ .‬والدته عزيزة الجنرال‬                                              ‫والسياسي والطبيب والمواطن‬
‫بيدها القرار كله‪ .‬تستطيع أن تجعل‬           ‫خلف القضبان ظل ًما وافترا ًء‪.‬‬  ‫البسيط‪ .‬ومع كثافة الأحداث وكثرة‬
                                     ‫كل عمل أدبي يحتوي على مجموعة‬
    ‫من البريء مجر ًما ومن المجرم‬                                               ‫الشخوص التي تتحرك داخل‬
   ‫بريئًا‪ .‬تأمر الطبيب الذي أشرف‬       ‫من العناصر الداخلية والخارجية‬                              ‫الرواية‪.‬‬
‫على علاج ابنها بأن يشهد بأن فواز‬       ‫تمثل جوهر النص الإبداعي‪ .‬وقد‬
  ‫دخل المصحة العلاجية قبل وقوع‬       ‫توفرت في رواية الرماد الذي غسل‬       ‫الروائي بخبرته المعرفية استطاع أن‬
  ‫الجريمة‪ .‬ينتهي الأمر ببراءة فواز‬     ‫الماء بعض العناصر التي ساهمت‬        ‫يتحكم في سيرها معتم ًدا على تقنية‬
   ‫وتقع تهمة القتل على رأس كريم‬      ‫في البناء الدرامي للرواية‪ ،‬كالأحداث‬    ‫الحوار‪ ،‬وتولى هو ‪-‬أي الروائي‪-‬‬
    ‫السامعي‪ ،‬الذي كان قد بلَّغ عن‬    ‫وعنصر التشويق والصراع الداخلي‬
                                      ‫والخارجي للشخصيات‪ ،‬والوصف‬               ‫مهمة الراوي في سرد الأحداث‬
                        ‫الحادثة‪.‬‬                                                                ‫وشرحها‪.‬‬
‫غير أنه لا شيء يعلو فوق القانون‪،‬‬
                                                                            ‫تتحدث الرواية عن عالم الجريمة‪.‬‬
    ‫الضابط “سعدون” الذي يتابع‬                                              ‫الحدث الرئيس فيها وقوع جريمة‬
  ‫التحقيق في القضية يواصل بحثه‬                                            ‫قتل لي ًل على الطريق الوطني المؤدي‬
 ‫المستمر “تعرفون أن قضية الجثة‬                                               ‫لمدينة عين الرماد‪ ،‬الجاني “فواز‬
   ‫الهاربة لم تنته بعد‪ ..‬الشرطة لا‬                                        ‫بوالطويل” كان عائ ًدا من ملهى ليلي‬
                                                                           ‫ثم ًل فاق ًدا للوعي‪ ،‬انحرف به مقود‬
    ‫تنسى‪ ،‬ويجب أن تنصر الحق‪..‬‬                                               ‫السيارة باتجاه “عزوز المرنيني”‬
     ‫ونحن صوت الضحية‪ ..‬وهي‬
                                                                               ‫الذي خلف جسده مسجى على‬
  ‫تصرخ بداخلنا‪ :‬انقذوني” الرواية‬                                                       ‫الأرض ولاذ بالفرار‪.‬‬
                       ‫ص‪.256‬‬
                                                                            ‫يأخذ التحقيق الأمني مجراه بحثًا‬
   ‫تتأزم أحداث الرواية لترتفع إلى‬                                           ‫عن القاتل وجثة المجني عليه التي‬

                                                                               ‫اختفت عقب الحادث مباشرة‪.‬‬
                                                                                  ‫تتدخل والدة فواز “عزيزة‬
   222   223   224   225   226   227   228   229   230   231   232