Page 59 - merit 51
P. 59
57 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
جميل حمداوي الغربي عمران الفاجعة تارة أخرى ،وعبرت عن الآليات الحاكمة
للعلاقة بين السادة والعبيد ،يأتي ذلك على لسان
ها هي تقف أمام النافذة المطلة على الوادي الفسيح، المتمردين ساكني الوادي .أثر الخطاب السردي على
مركزة ناظريها علي أطراف غابة الجبال ،حيث تدور إعمال اللهفة ،والتحفيز على متابعة القراءة ،فنقع
بين مطرقة تتابع السرد ،ووصف الواقع الشائك
الحرب باحثة عن جموع الرعية ،عن جبار. بين عالمين :عالم رجال السطوة ،والقوة ،والسلطة،
تتذكر يوم وصلت مجموعة من الرعايا إلى والبطش ،والعنف ،والقتل ،وزرع العداوة ،والغدر،
باب الحصن ،يشكون توافد غرباء على الوادى،
وتكاثرهم منذ شهور ..غوغاء لا يهتمون بنظافتهم، والمداهنة ،والتنكيل ،والتخلص من الخصوم،
ولا معيشتهم ،يهيمون جامعين ما يصطادونه والسلب ،والنهب ،والكر ،والفر ،والتحالف ،والبحث
من بقايا ملابس وأحذية وأوان ،بنوا مجموعة من
الأكواخ ،لا يرتادون المساجد ،ولم ُير أحدهم يصلي عن مزيد من المال والنفوذ ،مقابل عالم المرأة بما
قط ،أو يسمع عن عرس في أدرامهم منذ ظهورهم، فيه من دسائس ،وغيرة ،وعشق ،وهجر ،وصد،
يعيشون حياة بهائمية .من وصف حالتهم ندرك وغنج ،ونضارة ،وشحوب ،وترف ،ونعيم ،وشقاء،
أنهم فئة وافدة وليست ابنة المكان ،هم منعزلون ،لا وكيد ،وفرح وسعادة ،وحزن وألم ،وزواج وإنجاب،
حرف لهم ،ولا نشاط اقتصادي معروف كالزراعة وعنوسة وحرمان ،واستسلام للأمر الواقع ،أو
أو الرعي ،أو أي نشاط يتلاءم مع طبيعة الوادي،
يعيشون عشوائية اجتماعية ،فلا أعراس أو زواج، محاولة التمرد عليه.
دلالة على أنه مجتمع يقترف زنا ،وقد يكون زنا تخلق الإثنوجرافيا الروائية ،انقسا ًما حا ًّدا بين
طبقات المجتمع ،السادة والعبيد ،فيكون التعنت
المحارم. والقسوة والجبروت الملقى على عاتق المقهور/
هو مجتمع بدائي في علاقاته ،لم يعرف التدين،
وبالتالي فهو لا يعرف الضمير ،الحلال والحرام، المقهورة.
هكذا هم يحيون في نظر ساكني الحصن .لدينا قدمت الرواية إجابة لسؤال :كيف عاشت هذه الفئة
ثلاث طبقات هي: المهمشة ،سواء داخل الحصن في بيت شبرقة ،أو
خارج الحصن؟ وما تلاقيه الهاربات من الملاحقة
والقتل في الغابات؟
كيف مارست المرأة الحرة حياتها؟ كيف قاومت
المرأة القهر الواقع عليها؟ كيف ربت أبناءها على
الرفض وعدم الاستسلام لهذا الواقع؟
تبئر الرواية -منذ البداية -لحياة الخدم من
الجنسين .كيف أثرت الحياة الاجتماعية بالحصن،
على خارجه ،وصدى الحروب بين السادة على
الصراع الدائر بين سكان الحصن والوادى؟
من الملامح الرئيسة التي تناقشها الرواية :كيف
يستهان بالحياة الإنسانية؟ وما المصير الإنسانى
لكل من يبحث عن الحرية والتحرر وتأكيد الذات،
سواء أكان ذلك عبر مفهوم السادة أو العبيد؟
منذ المقطع السردي الأول ،نرى الأمور بعيني
شبرقة زوجة الشيخ مرداس لعالم الرعية/
والعبيد ،نظرة فوقية ،ولم لا ،وهي التي لم تنزل
إلى الوادى ،ظلت بعيدة عنهم لا تعرف شيئًا عن
حياتهم ،هم في خدمته ،وخدمة أسرتها.