Page 60 - merit 51
P. 60
العـدد 51 58
مارس ٢٠٢3
بل تداخلت المصائر في تراجيدية مؤلمة .حاولت الطبقة العليا :طبقة السادة ممثلة في الشيخ مرداس
شادن ابنة شنهاص أن تكسر التابو والحاجز بين وآل بيته ،والفقيه وأعوانه ومن تحالف معه.
الطبقة الثانية هي :الرعية.
عالمي السادة والعبيد ،تركت أمها ،وهربت مع والطبقة الثالثة هي :العبيد والخدام.
زهرة ومعها البندق بحثًا عن الحرية ،في محاولة ثمة تصدعات داخل الطبقة الأولى ،وصراعات
منها اللالتقاء بوالدها شنهاص ،لكن الرواية خفية مكتومة ،تعلن عن نفسها في الثلث الثاني من
تتبني فكرة أن هذه الطبقة تعاني اختلال مفهوم الرواية ،بينما نجد طبقة الرعية مسلوبة الإرادة.
الشرف والعفة ،فشادن -كي تستطيع الهروب من هكذا تراهم طبقة السادة ،إلا أنهم يتمردون على
الحصن -تستخدم جسدها لغواية الحارس ،شوهها ممارسات السادة ،بينما نجد أن طبقة الخدام
الخطاب السردي ُخل ًقا و َخل ًقا ،فقد فقدت إحدى ترفض أن تنضم إليهم حمامة .إنها عبدة ،ليست
عينيها ،تصوب البندق على كل من تستشعر خطره من جلدتهمُ ،يسند إليها أحط الأعمال ،تستمر في
عليها وعلى والدها ،فترديه قتي ًل ،تتعجب زهرة
العمل حتى منتصف الليل ،كان سلواها في احتمال
من هذا العنف غير المبرر ،رغم محبتها لشادن هذه النظرة الدونية من قبل الخدام ،تلك النظرات
وتعرضها للخطر ،نساء الرواية يقعن في منطقة والإشارات من السيد عنصيف ابن الشيخ مدراس،
رمادية بين الأبيض والأسود ،بداية من شبرقة،
هذا الشاب بوجهه الأبيض الذي راقها من أول
وعائشة ،وشادن ،وغيرهن. نظرة.
يقسم الكاتب روايته إلى ثلاثة أقسام :مرداس
وزهرة وقارون ،لكن الروائي لم يلتزم فقط بهذا كان العشق ح ًّل لأزمة حمامة الوجودية ،لكن هذا
التقسيم ،فداخل كل قسم شخصيات وحكايات العشق لم يشفع لها ،فتكون جديرة بالانضمام
ومواقع ،لعل بعضها يفوق ذاكرة صاحب القسم،
كما هو الحال مع زهرة التي تمثل ما هو جميل في لساكنى الحصن ،حتى لو كانت خادمة ،تسند إليها
هذه الرواية ،إلا أن الكاتب يفسح السرد لشخصية أحقر الأعمال!
شادن ،وهي شخصية قاسية. فقد مجتمع العبيد كل مقومات العيش الكريم ،لكن
يبدو أن الغربي عمران يقدم صورة قاتمة لعالم رغم دونيتهم في نظر الآخرين ،فإنهم لم يعيروا
المرأة ،حينما تخرج من حصن الزيدى لتواجه عالم
المستعبدين والخدام ،تفقد المرأة كل ما تتميز به من اهتما ًما لهذه النظرة في البداية ،لهم عالمهم الساحر
مشاعر رقيقة ،فتتوحش ذاتها ،وتتفنن في القتل، الغريب المليء بالحيوية والسعادة ،يمارسون في
بينما قارون يعد شخصية أصابها تحول شديد،
إلا أن الخطاب السردى لم يبرز لنا كيف تم هذا أمسياتهم المقمرة الرقص والغناء والتنقل بحرية في
الوادي ،لهم نظام زواج قائم على مبدأ القبول بين
التحول؟ الرجل والمرأة ..إلخ.
ازدحم الجزء الثالث بالتفاصيل ،ووقائع خارج جاء المجتمع اليمني بكل طوائفه ،وبخاصة الخدم
الوادي ،وظهرت قوى أخرى ،تحاول إدارة الصراع، والعبيد ،فى تصور وجودهم الدخيل والغريب على
أو على الأقل تؤثر فيه ،إلا أنها جمي ًعا فشلت ،لأن أرض الوادى ،تلك الجماعات التى احتلت جز ًءا من
الواقع الأليم لم يترك لنا بصيص أمل في الآتي، أرض الوطن ،جماعات منبتة عن هذه الأرض ،لها
فكان سببًا فيما وصل إليه المجتمع اليمني ،وهنا عاداتها ومعتقداتها وطقوسها الغريبة المنفرة ،غير
المنسجمة مع ما يعتقده ويمارسه سكان الوادي
يبرز السياسي مضفو ًرا بالتاريخي. الأصليين.
التاريخ اليمني زاخر بالوقائع والأحداث اهتمت الرواية بالدفاع عن حق المرأة في العيش
والصراعات التي تج ِّذر لما يعانيه الإنسان اليمني الكريم ،وأن تكون فاعلة لها إرادتها ،حاولت
في واقع مليء برهانات ،يدركها الفنان ،ويحذر من تقويض دعائم وأسس الأمر الواقع ،والأحكام
الجاهزة عن المرأة ،وخلخلة نظام سلطة السادة
استمرارها والإمامة ،ومن ثم فقد تماس عالما السادة والعبيد،