Page 145 - merit 54
P. 145

‫تجديد الخطاب ‪1 4 3‬‬

‫أمين الخولي‬  ‫أحمد لطفي السيد‬           ‫أبو الكلام أزاد‬                       ‫النفوذ الاقتصادي والسياسي‪،‬‬
                                                                           ‫أو التدخل العسكري المباشر فيما‬
‫فتديين السياسة هو رد فعل أقلية‬           ‫للتقارب‪ .‬لكن لب جهد الأفغاني‬      ‫بعد‪ .‬وحتى عندما انتقل إلى الهند‬
‫على التغيرات الحديثة المتصارعة‪،‬‬             ‫كان شعلة تحميس سياسي‬
                                                                               ‫وعاش تجربة الهند‪ ،‬تجلى له‬
      ‫وعلى والخطر الذي تواجهه‬             ‫ومعنوي‪ ،‬مسألة السياسة هي‬        ‫بصورة مباشرة وواضحة الخطر‬
‫سياسيًّا‪ ،‬ليصبح الدين هو الهوية‬           ‫في قلب جهده ومنتهاه‪ .‬من هنا‬     ‫الغربي‪ .‬ففي الهند سقط حكم آخر‬
‫وهو الوطن‪ .‬هذه البذور استمرت‬               ‫يصبح الإسلام (دين ودولة)‬
                                         ‫وليس كما كان عقيدة وشريعة‪.‬‬          ‫ممالك المسلمين مع الثورة التي‬
   ‫في سلسال من المفكرين يدخل‬            ‫وتصبح مسألة السياسة والحكم‬        ‫أخمدها الانجليز بمدافعهم الحديثة‬
  ‫التالي تغيي ًرا عليه طب ًقا للمرحلة‬    ‫في قلب التوجه‪ ،‬بالرغم من أنها‬
   ‫ولتجربة المفكر‪ .‬فمن الافغاني‬           ‫كانت عند مذاهب (أهل السنة)‬             ‫عام (‪1857‬م‪1273 /‬هـ)‪.‬‬
 ‫(‪ )1897 -1838‬إلى رشيد رضا‬             ‫من الفروع‪ ،‬وطاعة الحاكم واجبة‬       ‫ليصبح سؤال المستقبل لتجمعات‬
  ‫(‪ )1935 -1865‬ومحمد إقبال‬
                                           ‫وقول الحاكم يقطع الخلاف‪.‬‬          ‫المسلمين في الهند سؤا ًل ُمل ًّحا‪،‬‬
    ‫(‪ )1938 -1877‬وأبو الأعلى‬           ‫أصبحت مسألة الحكم والسياسة‬          ‫فهم ‪-‬رغم كونهم كأقليات كانت‬
      ‫المودودي (‪)1979 -1903‬‬                                                 ‫في أيديهم سلطة ولهم نفوذ على‬
   ‫وحسن البنا (‪)1949 -1906‬‬                 ‫من الأولويات عند الاتجاهات‬       ‫أغلبيات أخرى‪ -‬شغلهم التفكير‬
    ‫وسيد قطب (‪)1966 -1906‬‬                      ‫السنية التي تبنت دعوات‬
 ‫وحسن حنفي (‪.)2021 -1935‬‬                                                      ‫في ُمستقبلهم‪ ،‬ففي إطار فكرة‬
   ‫اتجاه آخر داخل الهند رأى أنه‬             ‫الأفغاني‪ .‬ومسألة الحكم أو‬       ‫القومية الهندية سيكونون أقلية‪.‬‬
  ‫ليكون هناك مستقبل للمسلمين‬           ‫الإمامة هي أصل من أصول الدين‬
   ‫في الهند الحديثة‪ ،‬حتى في ظل‬                                                 ‫وفي إطار الفكرة الديمقراطية‬
       ‫الاحتلال الإنجليزي أو في‬                ‫عند الاتجاهات الشيعية‪.‬‬       ‫والتمثيل النيابي سيكونون أقلية‬
    ‫الاستقلال‪ ،‬فعليهم أن يكونوا‬           ‫الرابط هنا هو توجه الأفغاني؛‬    ‫أي ًضا‪ .‬من هنا نتج سؤال السياسة‬
                                          ‫في تديين السياسة‪ ،‬الذي يلقى‬       ‫والدين‪ ،‬هل يمكن أن ُيقام الدين‬
                                        ‫التقدير و ُيحتفى به من الجانبين‪.‬‬
                                                                              ‫بدون وجود دولة (إسلامية)‬
                                                                            ‫تقوم علي رعايته؟ الجانب الآخر‬
                                                                             ‫من الإشكال‪ ،‬هو‪ :‬هل ُين َظر إلى‬
                                                                          ‫رابطة الدين كهوية بد ًل من رابطة‬
                                                                           ‫الأرض أو القومية‪ ،‬أم أن الرابطة‬
                                                                           ‫هي العيش المشترك؟ كانت إجابة‬

                                                                               ‫الأفغاني‪ ،‬وسعيه‪ ،‬هي وحدة‬
                                                                           ‫المسلمين في «الجامعة الإسلامية»‬
                                                                            ‫والارتفاع عن خلافاتهم الدينية‪،‬‬
                                                                           ‫لنتحد في مواجهة الخطر الغربي‪،‬‬

                                                                             ‫وتكون الجامعة الإسلامية هي‬
                                                                             ‫الهوية وهي المظلة‪ ،‬وأن يتحول‬
                                                                             ‫الإسلام إلى هوية وإيديولوجية‬
                                                                           ‫وحركة سياسية لمواجهة الغرب‪،‬‬

                                                                               ‫وتصبح الثنائية‪ :‬الإسلام في‬
                                                                               ‫مواجهة الغرب‪ .‬فكان السعي‬
                                                                          ‫لتجاوز المذهبية الفقهية والارتفاع‬
                                                                              ‫عن المذهبية العقيدية‪ ،‬فارتحل‬
                                                                             ‫إلى إيران وإلى الدولة العثمانية‪،‬‬
   140   141   142   143   144   145   146   147   148   149   150