Page 149 - merit 54
P. 149

‫‪147‬‬               ‫تجديد الخطاب‬

‫مصطفى عبد الرازق‬  ‫مصطفى المراغي‬                      ‫محمود شلتوت‬          ‫لتديين (أسلمة) المجتمع‪ ،‬فقط‪،‬‬
                                                                          ‫بل إلى تديين (أسلمة) الحداثة‬
   ‫فهل فكر أحد من رافعي ألوية‬              ‫تجارب الغربيين هو الحل‪.‬‬    ‫ذاتها‪ ،‬فهذه الحداثة ومنتجاتها هي‬
  ‫التنوير في المطالبة بإعادة النظر‬    ‫وتصبح علمانية الأوروبيين هو‬     ‫بضاعتنا ُر َّدت إلينا‪ .‬فالديمقراطية‬
   ‫في العملية التعليمية التي تقوم‬                                      ‫هي الشورى‪ ،‬والدستور المكتوب‬
  ‫بها الدولة كلها في المدارس وفي‬          ‫الحل‪ .‬ويصبح تنوير أوروبا‬       ‫هو وثيقة المدينة‪ .‬والاكتشافات‬
                                         ‫هو الحل‪ .‬ويصبح الأزهر هو‬        ‫العلمية حول الكون والإنسان‪،‬‬
      ‫الجامعات لمواجهة الإرهاب‬           ‫الفاتيكان‪ ،‬ولا بد من محاربة‬  ‫ذكرها القرآن قبلها بأربعة عشرة‬
    ‫والعنف؟ والسلطة ذاتها أكبر‬        ‫كهنوته وكهنته‪ ،‬ويصبح التنوير‬      ‫قر ًنا في الإعجاز العلمي بالقرآن‪،‬‬
‫مستخدم نفعي للدين‪ ،‬ومو ِظف له‬         ‫هو نقد مناهج المعاهد الأزهرية‪،‬‬   ‫والإعجاز العددي‪ .‬وكل النظم من‬
‫في حياتنا سياسيًّا‪ ،‬من أول (دين‬      ‫وتصبح العلمانية هي القضاء على‬      ‫سياسية واقتصادية واجتماعية‬
 ‫الدولة هو الإسلام) في الدستور‬          ‫وجود الأزهر‪ .‬وتصبح المدنية‬      ‫لها بديل أنجع في القرآن‪ ،‬بل إن‬
   ‫و(مباديء الشريعة الإسلامية‬        ‫هي التخلص من الفتاوى والمفتين‬        ‫مخرج البشرية‪ ،‬كل البشرية‪،‬‬
 ‫هي المصدر الرئيسي للتشريع)‪،‬‬            ‫باسم الدين؛ فالأزهر هو قلعة‬       ‫من أزماتها وقصور فلسفاتها‬
‫وهي المسيطرة على الدعوة الدينية‬          ‫الإرهاب ومفرخة الإرهابيين‪.‬‬     ‫ونظمها السياسية والاقتصادية‬
  ‫من خلال السيطرة على المساجد‬       ‫و ُيصبح الإرهاب والعنف إسلامي‪،‬‬         ‫والاجتماعية والفكرية هي في‬
  ‫من خلال وزارة الأوقاف‪ .‬ومن‬        ‫مصدره الإسلام دينًا ونصو ًصا)‪.‬‬
‫خلال سيطرتها على الأزهر جام ًعا‬      ‫في حين أن معظم أعضاء جماعات‬            ‫الإسلام‪ .‬وكلما أدركنا هذه‬
    ‫وجامعة ومعاهد‪ .‬ومن خلال‬         ‫العنف وجماعات السلفية التقليدية‪،‬‬     ‫الحقيقة وسعينا إليها؛ سنكون‬
  ‫سيطرتها على دار الإفتاء‪ .‬ومن‬           ‫ليسوا خريجي كليات الأزهر‬
    ‫خلال سيطرتها على الكنيسة‬            ‫ولا معاهده‪ ،‬بل خريجو كليات‬              ‫سادة العالم وأساتذته‪.‬‬
 ‫المصرية‪ .‬فهل انتق َد رافعو شعار‬         ‫حكومية (حديثة) (مدنية) في‬
                                    ‫تخصصات علمية عملية وتطبيقية‪.‬‬        ‫هل الخطاب الديني‬
      ‫التنوير والليبرالية والعدالة‬                                      ‫وحده المسؤول عن‬
                                                                         ‫العنف والإرهاب؟‬

                                                                      ‫من آثار السجال في حياتنا الفكرية‬
                                                                             ‫والثقافية اختصار القضايا‬

                                                                           ‫وابتسارها‪ ،‬وتفسير الظواهر‬
                                                                           ‫تفسيرات تقف أمام مظاهرها‬
                                                                         ‫القريبة وأسبابها المباشرة‪ ،‬مما‬
                                                                       ‫يجعل تفكيرنا أحيا ًنا كمجتمعات‪،‬‬
                                                                       ‫مجرد تسطيح للأمور‪ ،‬وسطحية‬

                                                                            ‫في التناول‪( .‬فإذا كان أفراد‬
                                                                         ‫جماعات العنف المسلح يرفعون‬
                                                                        ‫شعارات دينية‪ ،‬فيصبح الطريق‬
                                                                          ‫السهل المباشر هو أن الخطاب‬
                                                                         ‫الديني هو سبب ظهور ومنشئ‬
                                                                          ‫هذه الظاهرة‪ .‬ويصبح التخلف‬

                                                                            ‫منبعه الفكر الديني‪ ،‬فيصبح‬
                                                                          ‫الإصلاح الديني كما حدث في‬
   144   145   146   147   148   149   150   151   152   153   154