Page 154 - merit 54
P. 154

‫العـدد ‪54‬‬                             ‫‪152‬‬

                                ‫يونيو ‪٢٠٢3‬‬                        ‫النياندرتال البدائية إلى حد‬
                                                                   ‫كبير من خلال إعادة بناء‬
      ‫البعض‪ .‬لقد جذب لقاء‬          ‫فقد كشفت أعمال التنقيب‬         ‫الهيكل العظمي للنياندرتال‬
‫النياندرتال والبشر الحديثين‬           ‫في كهف «شانيدار» في‬
‫(العصريين) خيال الروائيين‪.‬‬           ‫العراق عن تسعة هياكل‬           ‫‪-‬من «معبد القديسين»‪،‬‬
‫في رواية “الورثة” التي كتبها‬                                        ‫فرنسا‪ -‬الذي تم صنعه‬
  ‫ويليام جولدنج عام ‪،1955‬‬       ‫عظمية‪ ،‬جميعها مدفونة بتأ ٍّن‬         ‫في عام ‪ .1911‬ولكن من‬
                                 ‫وحرص‪ ،‬أحدها لرجل مسن‬            ‫جميع الأدلة التي لدينا‪ ،‬قبل‬
  ‫حيث يتم قتل مجموعة من‬          ‫نصف أعمى بذراع مكسور‪،‬‬            ‫حوالي مائة ألف سنة‪ ،‬كان‬
 ‫البشر البدائيين على يد أناس‬                                     ‫النياندرتال متطو ًرا سلوكيًّا‬
                                    ‫مما يشير إلى أن الطريقة‬          ‫مثل أسلافنا من البشر‬
     ‫معاصرين يتبنون طف ًل‬         ‫الوحيدة التي كان يمكن أن‬
‫للبدائيين كان على قيد الحياة‪.‬‬   ‫ينجو بها هي اعتناء الأصدقاء‬                    ‫العصريين‪.‬‬
                                ‫والعائلة به بمودة وحب‪ .‬كان‬     ‫صنع كل من إنسان نياندرتال‬
   ‫رواية “قبيلة دب الكهف”‬        ‫لدى النياندرتال أي ًضا تقدير‬
‫التي كتبتها جان أويل (‪Jean‬‬       ‫للرمزية‪ ،‬كما كشفت عن ذلك‬         ‫والإنسان العصر ِّي أدوات‬
‫‪ )Auel‬عام ‪ 1890‬حيث ت َبنَّت‬                                         ‫حجرية باستخدام تقنية‬
                                    ‫المجوهرات المصنوعة من‬
  ‫امرأة بدائية من النياندرتال‬      ‫مخالب النسر الموجودة في‬      ‫أصبحت تعرف باسم قوانين‬
    ‫طفلة عصرية وكبرت على‬           ‫كهف «كاربينا» في كرواتيا‬       ‫ليفال (‪ ،)Levallois‬والتي‬
                                                                   ‫تتطلب الكثير من المهارات‬
‫يدها‪ .‬الكتاب عبارة عن عرض‬           ‫والتي يرجع تاريخها إلى‬
‫درامي لما يمكن أن يكون عليه‬     ‫حوالي ‪ 130‬ألف سنة‪ ،‬ودوائر‬       ‫المعرفية والبراعة مثل تقنيات‬
                                                                    ‫الصناعة التي ُوجدت في‬
   ‫التفاعل الوثيق بين هاتين‬       ‫حجرية بنيت في عمق كهف‬
    ‫المجموعتين المعقدتين من‬     ‫«برونيكيل» في فرنسا‪ ،‬ويعود‬     ‫العصر الحجري القديم الأعلى‬
    ‫البشر‪ ،‬الغريبتين ج ًّدا عن‬   ‫تاريخها إلى حوالي ‪ 180‬ألف‬        ‫والعصر الحجري الحديث‬
‫بعضهما البعض والمتشابهتين‬                                         ‫بين البشر العصريين‪ ،‬قبل‬
                                               ‫سنة مضت‪.‬‬            ‫حوالي خمسين ألف سنة‬
                    ‫للغاية‪.‬‬        ‫ولكن على الرغم من أوجه‬         ‫مضت‪ .‬في هذه التقنية‪ ،‬يتم‬
   ‫هناك أدلة علمية قوية على‬     ‫التشابه بين إنسان نياندرتال‬      ‫تشذيب وإعداد الرقائق من‬

     ‫التقاء البشر العصريين‬           ‫والبشر العصريين‪ ،‬فإن‬       ‫لب الصخور المختارة بعناية‪،‬‬
   ‫وإنسان نياندرتال‪ .‬الأكثر‬      ‫الاختلافات العميقة واضحة‪.‬‬            ‫والتي تشبه إلى حد ما‬
    ‫مباشرة كانوا من أوروبا‬
                                        ‫زعم مقال مكتوب في‬       ‫الأدوات الناتجة عنها‪ ،‬بحيث‬
        ‫الغربية‪ ،‬حيث اختفى‬      ‫الخمسينيات أن نياندرتال في‬     ‫يجب على الحرفيين أن يضعوا‬
 ‫النياندرتال منذ حوالي تسعة‬       ‫مترو أنفاق مدينة نيويورك‬
  ‫وثلاثين ألف سنة‪ .‬منذ ذلك‬        ‫لن يجذب الانتباه‪« ،‬شريطة‬        ‫في أذهانهم صورة الشكل‬
                                  ‫أن يكون قد اغتسل‪ ،‬وحلق‪،‬‬           ‫الذي ستبدو عليه الأداة‬
     ‫الحين‪ ،‬أفسحت الأدوات‬        ‫وارتدى ملابس حديثة‪ .‬لكن‬
   ‫الحجرية لنوع النياندرتال‬                                        ‫النهائية‪ ،‬وتنفيذ الخطوات‬
    ‫الطريق لأدوات نموذجية‬           ‫في الحقيقة‪ ،‬فإن حواجبه‬      ‫المعقدة التي يجب من خلالها‬
                                    ‫الغريبة والجسم العضلي‬
       ‫للإنسان العصري‪ .‬في‬           ‫سوف تظهر بشكل مثير‬             ‫صنع الحجر لتحقيق هذا‬
     ‫جنوب غرب أوروبا‪ ،‬تم‬                                                          ‫الهدف‪..‬‬
  ‫العثور على أدوات نموذجية‬            ‫للإعجاب”‪ .‬كان البشر‬
 ‫للإنسان العصري‪ ،‬مصنوعة‬          ‫البدائيون مختلفين كثي ًرا عن‬       ‫تشمل العلامات الأخرى‬
‫بأسلوب ُيدعى شاتيلب ُّرونيان‬                                      ‫للتطور المعرفي للنياندرتال‬
 ‫(‪ ،)Châtelperronian‬وسط‬            ‫أي من البشر اليوم‪ ،‬كانوا‬     ‫الأدلة على أنهم كانوا يعتنون‬
 ‫بقايا إنسان نياندرتال‪ ،‬يعود‬          ‫أكثر اختلا ًفا من سكان‬
  ‫تاريخها إلى ما بين ‪ 39‬أل ًفا‬                                      ‫بمرضاهم وكبار السن‪.‬‬
                                  ‫اليوم الحاليين عن بعضهم‬
   149   150   151   152   153   154   155   156   157   158   159