Page 147 - merit 54
P. 147

‫تجديد الخطاب ‪1 4 5‬‬

                                                                                   ‫وتلميذه الأشهر محمد أحمد خلف‬
                                                                                      ‫الله (‪ ،)1998 -1916‬وشكري‬
                                                                                             ‫عياد (‪.)1999 -1921‬‬

                                                                                   ‫مساحات الأسلمة‬
                                                                                   ‫والتحديث بعد كل‬

                                                                                        ‫هزيمة‬

‫شاه ولي الله الدهلوي‬  ‫جمال الدين الأفغاني‬  ‫السيد أحمد خان‬                                 ‫يمكنني أن أصيغ اتجاهات‬
                                                                                         ‫الإصلاح الديني بشكل عام‬
     ‫الاتجاه الحركي‪ .‬ويمكنك أن‬             ‫استبدا َد حك ٍم أو احتلا ًل عسكر ًّيا‪.‬‬     ‫إلى ثلاثة رئيسية‪ ،‬كلها تشترك‬
  ‫تضم على الرغم من الاختلافات‬              ‫فإنه مأزق تعليمي‪ ،‬تربوي‪ ،‬علمي‪،‬‬              ‫في أنها قامت من أجل محاربة‬
 ‫بينها‪ ،‬كل من جهود شاه ولي الله‬            ‫نتيجة للجمود وللتقليد‪ ،‬فالاحتلال‬              ‫البدعة في الدين وفي الحياة‬
‫الدهلوي وأهل التوحيد (الوهابية)‬                                                       ‫الاجتماعية لمجتمعات المسلمين‬
                                              ‫العسكري ما كان ليحتلنا إن لم‬               ‫عند الاتجاهات التقليدية في‬
       ‫في نجد وفي الهند في القرن‬            ‫نكن ضعفاء‪ ،‬وقد تقدمت أوروبا‬                  ‫القرن الثامن عشر في الهند‬
    ‫الثامن عشر‪ .‬والحركة المهدية‬              ‫بتراثنا الفلسفي العقلاني‪ ،‬وكان‬           ‫وفي نجد‪ ،‬وأضيف إلى محاربة‬
     ‫في السودان في القرن التاسع‬                                                          ‫البدعة الدينية والاجتماعية؛‬
 ‫عشر‪ ،‬وجهود الأفغاني‪ ،‬والحركة‬                  ‫حديث أرنست رينان (أرنست‬              ‫مواجهة الخطر الغربي ومطامعه‬
    ‫السنوسية‪ ،‬كعملية أسلمة عبر‬               ‫رينو) (‪ )1892 -1823‬عن ابن‬                ‫في القرن التاسع عشر‪ ،‬فتجلت‬
 ‫العودة إلى الإسلام النقي‪ ،‬إسلام‬                                                   ‫عملية تديين السياسة‪ ،‬أو (أسلمة‬
     ‫السلف الصالح‪ ،‬عبر الحركة‬                   ‫رشد والرشدية‪ ،‬ورد محمد‬               ‫السياسة) عند الأفغاني‪ ،‬كمظلة‬
   ‫وعبر الفعل دفا ًعا عن هوية تم‬             ‫عبده عليه‪ ،‬ودخول فرح أنطون‬                 ‫تجمع المسلمين‪ ،‬وتحاول أن‬
                                           ‫(‪ )1922 -1874‬في النقاش‪ .‬كانت‬              ‫ترتفع بهم عن ضيق المذهبية في‬
      ‫اختصارها في (الإسلامية)‪.‬‬              ‫عملية تواصل مع تراثنا الفلسفي‬          ‫العقائد وعن أسر المذهبية الفقهية‪،‬‬
  ‫الاتجاه الآخر هو اتجاه تحديث‬                                                      ‫بالعودة للكتاب والسنة مباشرة‪،‬‬
    ‫الفكر عند المسلمين‪ ،‬أو بعبارة‬               ‫بعد قرون طويلة من تنحيته‬                 ‫ومن خلال إعادة الكلام عن‬
 ‫أخرى (تحديث الفكر الإسلامي)‬               ‫جانبًا‪ ،‬لكن في سياق من السجال‪.‬‬            ‫تراث الفلاسفة المسلمين القدماء‬
  ‫سيد أحمد خان في الهند‪ ،‬محمد‬                                                          ‫في الفلسفة الإشراقية‪ ،‬وعلماء‬
   ‫عبده في بلاد العرب‪ ،‬هم أي ًضا‬             ‫بصورة أخرى يمكنني اختصار‬              ‫الكلام المتقدمين‪ ،‬للمواجهة‪ ،‬والرد‬
  ‫يحاربون البدع لكن بدع التقليد‬            ‫الأمر بضم هذه الاتجاهات الثلاثة‬            ‫على الغربيين من خلال خطاب‬
                                           ‫في اتجاهين رئيسيين‪ .‬الأول اتجاه‬           ‫الاستشراق الذي يدرس تراثنا‪،‬‬
    ‫والجمود المذهبي‪ ،‬ليس بدافع‬                                                      ‫بل هو الذي جذب انتباهنا لتراثنا‬
‫سياسي مباشر بل الأمر أعمق من‬                   ‫“الأسلمة”‪ ،‬أسلمة المجتمع في‬           ‫الفلسفي والكلامي باهتمامه به‪.‬‬
                                           ‫مواجهة البدع الدينية والاجتماعية‬          ‫الاتجاه الثالث هو اتجاه تحديث‬
                                                                                       ‫الفكر الديني عند المسلمين‪ ،‬أو‬
                                              ‫ثم في مواجهة الغرب سياسيًّا‪،‬‬         ‫بعبارة أخرى اتجاه (تحديث الفكر‬
                                               ‫والتغريب فكر ًّيا وثقافيًّا‪ ،‬وهو‬     ‫الإسلامي)‪ ،‬الذي يرى أن المأزق‬
                                                                                      ‫أعمق من السياسة سواء كانت‬
   142   143   144   145   146   147   148   149   150   151   152