Page 170 - merit 54
P. 170

‫العـدد ‪54‬‬                              ‫‪168‬‬

                               ‫يونيو ‪٢٠٢3‬‬                           ‫الذكري الذي اقترحه لنا‬
                                                                      ‫عالم الأحياء التطوري‬
                 ‫العصري‪.‬‬          ‫العينات التي قمنا بتحليلها‬
 ‫تشكل الطفرات الإشكالية في‬     ‫من الأزمنة السابقة إلى قيمتها‬      ‫دافين بريجريفز (‪Daven‬‬
                                                                 ‫‪ )Presgraves‬بعد أن أظهر‬
  ‫جينوم النياندرتال تناق ًضا‬     ‫الحالية التي تبلغ حوالي ‪%2‬‬
    ‫حا ًّدا مع خليط أحدث من‬        ‫في أوقات لاحقة‪ ،‬وأن هذا‬        ‫له دليل كروموسوم ‪ X‬أن‬
   ‫مجموعات بشرية متشعبة‬                                          ‫الجينات النشطة بشكل غير‬
 ‫عصرية‪ ،‬حيث لا يوجد دليل‬       ‫كان مدفو ًعا بالانتقاء الطبيعي‬    ‫عادي في الخلايا الجرثومية‬
 ‫على مثل هذه التأثيرات‪ .‬على‬     ‫الواسع النطاق ضد الحمض‬          ‫لخصيتي الرجل سيكون لها‬
 ‫سبيل المثال‪ ،‬بين الأمريكيين‬           ‫النووي النياندرتالي‪.‬‬      ‫أصل أقل من النياندرتال في‬
‫من أصل أفريقي‪ ،‬في دراسات‬         ‫كان جزء كبير من مجموعة‬
   ‫حول ثلاثين ألف شخص‪،‬‬          ‫النياندرتال في منطقة تسببت‬         ‫المتوسط مقارنة بالجينات‬
 ‫لم نجد أي دليل على الانتقاء‬       ‫فيها العصور الجليدية في‬         ‫التي هي الأكثر نشا ًطا في‬
 ‫الطبيعي ضد أصول أفريقية‬             ‫انهيارات دورية لأعداد‬     ‫أنسجة الجسم الأخرى‪ .‬عندما‬
 ‫أو أوروبية‪ .‬أحد التفسيرات‬             ‫الحيوانات والنباتات‬     ‫نظرنا في بيانات حقيقية‪ ،‬كان‬
    ‫لذلك هو أنه عندما اختلط‬         ‫التي اعتمد عليها إنسان‬         ‫توقع بريجريفز واض ًحا‪.‬‬
   ‫الإنسان البدائي والإنسان‬       ‫نياندرتال‪ ،‬وهي مشكلة قد‬
                                 ‫لا تكون قد أصابت أسلاف‬               ‫تجاوزت المشاكل التي‬
      ‫العصري‪ ،‬فقد انفصلوا‬       ‫الإنسان العصري في أفريقيا‬         ‫يواجهها البشر العصريون‬
   ‫لمدة عشر مرات أطول مما‬         ‫الاستوائية إلى الحد نفسه‪.‬‬
                                ‫هناك تأكيد وراثي لأصحاب‬                 ‫من أصل نياندرتال‬
      ‫كان عليه غرب أفريقيا‬           ‫النياندرتال الأصغر من‬         ‫انخفاض الخصوبة‪ ،‬حيث‬
     ‫والأوروبيون‪ ،‬مما يمنح‬       ‫الأحجام البشرية العصرية‬           ‫اتضح أن أصل نياندرتال‬
    ‫ذلك وقتًا أطول للتعارض‬         ‫من حيث حقيقة أن تنوع‬             ‫لا يتم تخفيضه فقط على‬
   ‫البيولوجي للتطور‪ .‬يتعلق‬        ‫جينوماتهم كان أقل بأربع‬
‫التفسير الثاني بالملاحظة‪ ،‬من‬                                         ‫الكروموسوم ‪ X‬وحول‬
 ‫دراسات العديد من الأنواع‪،‬‬     ‫مرات تقريبًا‪ .‬إن تاريخ الحجم‬         ‫الجينات المهمة في تكاثر‬
                                ‫الصغير يمثل مشكلة للصحة‬
      ‫لأنه عندما ينشأ العقم‬    ‫الجينية للسكان‪ ،‬لأن التقلبات‬            ‫الذكور‪ ،‬بل يتم أي ًضا‬
   ‫بين السكان‪ ،‬فإنه غالبًا ما‬   ‫في تكرار الطفرة التي تحدث‬            ‫تخفيضه حول الغالبية‬
  ‫يكون بسبب التفاعلات بين‬                                        ‫العظمى من الجينات (هناك‬
 ‫جينين في أجزاء مختلفة من‬           ‫في كل جيل تكون كبيرة‬          ‫عدد أكبر بكثير من أصول‬
   ‫الجينوم‪ .‬ونظ ًرا لأن هناك‬       ‫بما يكفي للسماح لبعض‬         ‫النياندرتال في أجزاء «نفاية»‬
 ‫تغيران مطلوبان لإنتاج مثل‬           ‫الطفرات بالانتشار عبر‬          ‫من الجينوم مع وظائف‬
    ‫هذا التناقض‪ ،‬فإن معدل‬      ‫السكان حتى في مواجهة رياح‬        ‫بيولوجية قليلة)‪ .‬جاء أوضح‬
  ‫العقم يزداد في ميدان وقت‬         ‫الانتقاء الطبيعي السائدة‬        ‫دليل على ذلك من دراسة‬
 ‫الانفصال السكاني‪ ،‬وبالتالي‬      ‫التي تميل لتقليل تكراراتها‪.‬‬   ‫أجريت في عام ‪ ،2016‬نشرنا‬
 ‫فإن الفصل السكاني الأكبر‬          ‫في نصف مليون سنة منذ‬        ‫فيها مجموعة بيانات الحمض‬
  ‫عشر مرات يترجم إلى مائة‬        ‫انفصال النياندرتال والبشر‬       ‫النووي القديم على مستوى‬
   ‫مرة أكثر من عدم التوافق‬     ‫العصريين‪ ،‬تراكمت جينومات‬            ‫الجينوم من أكثر من ‪50‬‬
   ‫الجيني‪ .‬في ضوء ذلك‪ ،‬قد‬            ‫النياندرتال في الطفرات‬      ‫أوراسيًّا منتشرين على مدى‬
 ‫لا يبدو عدم وجود العقم في‬        ‫من شأنها أن تكون ضارة‬            ‫خمسة وأربعين ألف سنة‬
 ‫الهجينة من البشر في الوقت‬      ‫عندما يحدث فيما بعد تزاوج‬         ‫الماضية‪ .‬وأظهرنا أن أصل‬
                                  ‫بين النياندرتال‪ /‬الإنسان‬     ‫النياندرتال انخفض باستمرار‬
     ‫الحاضر مفاجئا للغاية‪.‬‬                                          ‫من ‪ %3‬إلى ‪ %6‬في معظم‬
   165   166   167   168   169   170   171   172   173   174   175