Page 175 - merit 54
P. 175
173 الملف الثقـافي
ثم يشاركهم في ترتيب وتقتضيه المصلحة ،وهذا فالعناصر الدقيقة التي تشكل
حياتهم الآتية ،حين يقدمون
على الزواج ،وتكوين أسرة أمر نجده عند شعوب ثقافة المصريين مث ًل ،فيها
جديدة ،وتظل يده ممدودة
الأرض كافة ،لكنه يمتزج بعض اختلاف عن نظيرتها
إليهم بالعون إن كانوا في
حاجة إلى هذا .ومثل هذه عند المصري بالتفاصيل لدى غيرهم ،وهو اختلاف
الخصلة إن كانت تنطوي على
شيء إيجابي في صلة الرحم التي تمر بها حياته اليومية، صنعه المكان والزمان وخبرة
والتعاون والتساند ،فإنها لا
تخلو من شيء سلبي ،حين أيا كانت مهنته أو طبقته التفاعل معهما ،الذي صنع
تجعل الابن يعتمد على أبيه،
أكثر من اللازم ،بما يأخذ من أو البيئة الاجتماعية المحلية سلسلة متصلة من الأحوال
استقلاليته. التي يعيش فيها .ويمكن يحضر القديم في جديدها،
ولا يقتصر الإيثار على
الأسرة ،إنما قد نجده في استعراض كل هذه عبر ويغالب الطبع فيها التطبع.
علاقة الأصدقاء ،ورفاق
الكفاح السياسي ،والمنتمين النقاط التالية: إن المصريين المحدثين
إلى جماعات وتنظيمات
إيديولوجية أو دينية ،سواء -1المصلحة أو المنفعة: يزاوجون في النظر إلى
كانت تعمل بالسياسة أو
بالدعوة ،وهو فضيلة لا تنفك وهذه تع ُّد مح ِّد ًدا رئيسيًّا القضايا بين ما ورثوه
عن المصلحة الخاصة بكل أو مرتك ًزا أساسيًّا ،لا يغلبه
مجموعة من هذه المجموعات. شيء تقريبًا ،سواء كانت وألفوه أو اعتادوا عليه،
وتحضر هذه المصلحة أو
المنفعة في نظرة المصري هذه المنفعة وبين ما يوجبه الحاضر،
إلى السياسة ،فالمصريون،
يشاطرون أغلب البشر ،في دنيوية أو ـــرأي والقرار والموقف
تحري ما يفيدهم في أي قرار أخروية أو
تتخذه السلطة السياسية ،أو
تشريع أو قانون تسنه ،وقد الاثنتين م ًعا.
يتجاهلون أو يغفلون عن فأي فرد
الآثار البعيدة للقرار ،إن كان
يغذي الاستبداد ويرسخه، عاقل ينظر إلى أي أمر من
طالما وجدوا فيه منفعة قريبة
منظور المصلحة ،وهي قد
مباشرة.
ربما لهذا السبب تتعجب تعلو على أي شيء فينجذب
النخب السياسية ،التي تروم
الحرية والعدالة والكفاية، المرء نحو الأثرة ،أو تخف
وتكافح من أجل بناء نظام
وتتراجع حين يؤثر غيره على
نفسه .وهذا الإيثار قد يكون
في كثير من الأحيان مرتب ًطا
بالمنفعة المباشرة ،حين يقدم
المصري ابنه أو ابنته على
نفسه ،ويتمنى لهما أن يكونا
أفضل منه ،ويعتبر أن هذا
دليل قوي على نجاحه في
أداء مهمته في الحياة ،وهي
مسألة يشاركه فيها كثير من
الشرقيين عمو ًما.
فالمصري يرعى أولاده حتى
يشبوا عن الطوق ،ويكملوا
تعليمهم إن كانوا أبناء
مدارس ،وتظل هذه الرعاية
قائمة حتى يجد الأبناء عم ًل،