Page 171 - merit 54
P. 171

‫حول العالم ‪1 6 9‬‬

           ‫يوهانس كراوز‬                 ‫ويليام جولدنج‬            ‫الفرضية ونقيضها‬

     ‫الهيكل العظمي البشري‪.‬‬          ‫البشر العصريون في كل‬          ‫كان أحد العناصر المهمة في‬
     ‫إن فرضية «الخروج من‬        ‫مكان في العالم بشكل منفصل‬          ‫الفلسفة الأوروبية القارية‬
‫أفريقيا» ليست صحيحة تما ًما‬      ‫عن الأشكال القديمة المحلية‪.‬‬       ‫التي بدأت في القرن الثامن‬
     ‫أي ًضا‪ .‬لدينا الآن توليف‪،‬‬                                    ‫عشر هو أن مسيرة الأفكار‬
     ‫مدفو ًعا باكتشاف تدفق‬          ‫بل إن البشر العصريين‪،‬‬        ‫تمضي في «فرضية»‪ :‬صدام‬
‫الجينات بين إنسان نياندرتال‬       ‫في كل مكان‪ ،‬ينحدرون من‬         ‫من وجهات النظر المتعارضة‬
   ‫والبشر العصريين استنا ًدا‬
  ‫إلى الحمض النووي القديم‪.‬‬           ‫هجرة حديثة نسبيًّا من‬           ‫التي تؤدي إلى التوليف‪.‬‬
‫هذا يؤكد نظرية «الخروج من‬         ‫أفريقيا والشرق الأدنى منذ‬      ‫يبدأ الجدل بـ»أطروحة» ما‪،‬‬
  ‫أفريقيا»‪ ،‬ويكشف أي ًضا عن‬      ‫حوالي خمسين ألف سنة‪ .‬إن‬         ‫متبو ًعا بـ»نقيضها‪ ».‬ثم يتم‬
‫شيء عميق حول ثقافة هؤلاء‬         ‫قدم التاريخ الأخير لـ»حواء‬      ‫إحراز التقدم من خلال قرار‬
 ‫البشر العصريين الذين يجب‬                                       ‫أو «توليف» يتجاوز المناقشة‬
  ‫أن يكونوا قد عرفوا إنسان‬           ‫الميتوكندريا» مقارنة مع‬
 ‫نياندرتال بشكل وثيق‪ .‬بينما‬     ‫الاختلاف العميق في الحمض‬             ‫الثنائية التي نتجت عنه‪.‬‬
  ‫يتضح من البيانات الجينية‬                                          ‫كان ذلك من خلال فهمنا‬
  ‫أن البشر العصريين خارج‬            ‫النووي المُتق َّدري لإنسان‬    ‫للأصول البشرية الحديثة‪.‬‬
 ‫أفريقيا ينحدرون من توسع‬          ‫نياندرتال يحمل بع ًضا من‬         ‫لفترة طويلة‪ ،‬ف َّضل العديد‬
   ‫مجموعة من أصل أفريقي‬           ‫أفضل الأدلة لهذه النظرية‪.‬‬         ‫من علماء الأنثروبولوجيا‬
    ‫اجتاحت العالم‪ ،‬لذا‪ ،‬فإننا‬    ‫في معارضة فرضية الأصل‬          ‫فرضية «التعددية الإقليمية»‪،‬‬
 ‫نعلم الآن بأمر حدوث بعض‬         ‫متعدد الأقاليم‪ ،‬تؤكد نظرية‬         ‫وهي النظرية القائلة بأن‬
 ‫التزاوج‪ .‬هذا يجب أن يجعلنا‬        ‫«الخروج من أفريقيا» على‬          ‫البشر العصريين‪ ،‬في أي‬
                                   ‫الأصل الأخير للاختلافات‬         ‫مكان في العالم‪ ،‬ينحدرون‬
                                                                ‫بشكل كبير من البشر القدماء‬
                                       ‫بين السكان في الوقت‬      ‫الذين عاشوا في نفس المنطقة‬
                                    ‫الحاضر‪ ،‬نسبة إلى العمق‬       ‫الجغرافية‪ .‬وهكذا كان يعتقد‬
                                ‫الزمني لملايين السنين لسجل‬          ‫أن الأوروبيين يستمدون‬
                                                                ‫نسبًا كبيرة من أسلافهم من‬
                                                                    ‫النياندرتال‪ ،‬وشرق آسيا‬
                                                                  ‫من البشر الذين تفرقوا إلى‬
                                                                 ‫شرق أوراسيا منذ أكثر من‬
                                                                   ‫مليون سنة‪ ،‬والأفارقة من‬
                                                                  ‫الأشكال القديمة الأفريقية‪.‬‬
                                                                  ‫عندئ ٍذ‪ ،‬سيكون للاختلافات‬
                                                                     ‫البيولوجية بين السكان‬
                                                                     ‫العصريين جذور عميقة‬
                                                                   ‫للغاية‪ .‬سرعان ما واجهت‬
                                                                  ‫التعددية الإقليمية نقيضها‪،‬‬
                                                                ‫نظرية «الخروج من أفريقيا»‪.‬‬
                                                                   ‫في هذه النظرية‪ ،‬لم يتطور‬
   166   167   168   169   170   171   172   173   174   175   176