Page 177 - merit 54
P. 177
175 الملف الثقـافي
في رأس المصري وهو ينظر كل فرد ،ويلزمه بإيجاد حل عن وعودها ،ونقضت
إلى الأمور ،هو «الأصل» لمشكلته هو ،بغض النظر عهودها ،وسارت على الدرب
عن الآخرين .وفي كثير
الذي تحمله الكتب الدينية، من الأحيان تعمل السلطة نفسه الذي مشي عليه
أو ذلك الممزوج بتصورات الحاكمة على هذا ،فترى سابقون ،غضب الشعب
موروثة تصنع ما يسمى في إفقار الناس أو إبقائهم منهم ،وحنق عليهم ،وتمنى
«التدين الشعبي» ،وبغض رحيلهم ،أو عمل في سبيل
النظر أي ًضا عما إذا كان هذا عند حد الكفاف ،فينشغلون هذا .وبذا فإن فاض أو
التصور في عمومه يدفع إلى بأحوالهم الخاصة الضيقة، تسرب شيء من يد أي
الأمام ،أو يجذب إلى الخلف. ويتراجع اهتمامهم بالشأن سلطة إلى الناس ،فهذا أفضل،
حتى لو كان ثمنه باه ًظا في
فالمصري كلما نظر إلى العام.
أمر ،حضرت رؤيته للدين، وقد رأينا كيف تحولت قابل السنين.
سواء كان قد حصلها من مختلف الطبقات الشعبية ويزداد الالتفات إلى المنفعة
خلال قراءته الخاصة ،أو مع ثورة يناير 2011إلى الشخصية في أوقات الندرة،
ما سمعه من وعظ وخطب تقديم مصالحها المباشرة
على ما عداها ،وهي مسألة فالضيق يزكي الأثرة أو
منبرية وبرامج إعلامية، أُطلق عليها أيامها «المطالب الأنانية في نفوس الناس.
أو فرضها عليه المجتمع الفئوية» .ورغم أن ذلك ،فيه ولأن المصريين ينتقلون
في تشاكله وتفاعله الطويل قدر من التصرف الطبيعي من ندرة إلى ندرة ،فإنهم
مع النصوص الدينية عبر إزاء حقوق مهضومة، يبحثون دو ًما عن حلول
واستحقاقات مؤجلة ،فإنه
القرون. مثَّل أحد العقبات التي حالت فردية للمشكلات التي
ولا يقتصر هذا الأمر دون التقدم نحو بناء نظام تعترض طريقهم .فمث ًل
على الأحوال الشخصية سياسي جديد ،حسبما رام إن وجد المصري الدولة
للمصريين ،بل يمتد أي ًضا إلى الثوار أو أرادوا ،خاصة أن تخفق في توفير تعليم جيد
نظرتهم إلى الشؤون العامة. من تولوا الحكم عقب الثورة
ففي الحالتين يحيل المصري، فطنوا إلى هذا ،فجعلوا من لأبنائه ،يسعى هو إلى
في الغالب الأعم ،إلى نص ما، الثورة ،عبر دعاياتهم المنظمة، تحقيق ذلك ،فيقتطع جز ًءا
آية قرآنية أو حديث نبوي أو حجر عثر أمام الإيفاء من دخله ،ويخصصه لهذا
حكم فقهي أو قصة تراثية التعليم ،ويجعل من الدروس
عند المسلمين ،أو كان آية بمصالح الناس. الخصوصية التي ينفق عليها
من الإنجيل أو قول لأحد -2التصور الديني :فهناك
القديسين أو عظة أو حكاية من جيبه بدي ًل للدروس
قديمة عند المسيحيين .ولم مقولة سائدة ترى أن المدرسية المجانية ،أو التي
يكن الأمر يختلف عند اليهود «المصري متدين بطبعه»، دفع من أجلها ما ًل قلي ًل.
المصريين وقت أن كانوا وهو استنتاج لتفكير وتأمل
يشكلون جز ًءا من النسيج عميق سبر أغوار الشخصية وعزز هذا التوجه فشل
الاجتماعي المصري. المصرية ،بغض النظر عن المصريين في تحقيق
إننا نسمع دو ًما صوت شكل التدين أو طبيعته ،وما
الدين في حديث المصريين، إذا كان فيه التزام بظاهر المنفعة الشخصية عبر
إن تناقشوا حول الأحداث النص أو ذهاب إلى تأويله، عمل عام ،فهم كثي ًرا ما
الجارية ،أو نظروا إلى ما وسواء كان الدين الحاضر تظاهروا واحتجوا ورفعوا
مطالب عامة ،لكن مطالبهم
سرعان ما تم تفريغها من
مضمونها ،وإعادتهم إلى
المربع الأول ،الذي يحاصر