Page 181 - merit 54
P. 181

‫‪179‬‬         ‫الملف الثقـافي‬

‫د‪.‬خالد كاظم‬ ‫المرتكز الاقتصادي‬                           ‫التلاعب بها وتنظيمها من‬    ‫«إن الجماهير الفقيرة‬
     ‫أبو دوح‬     ‫سوسيولوجيا الحركات الاجتماعية‪:‬‬      ‫الأعلى؛ مما يضفى ظلا ًل من‬    ‫لا تخدمها مساواة أمام‬
                                                      ‫الشك فيما نسميه الحركات‬      ‫القانون ولا حرية في الرأي‬
                                                  ‫كان‬                              ‫والتعبير ‪-‬كما تطالب‬
                                                                     ‫الاجتماعية‪.‬‬   ‫الطبقات البرجوازية‪ -‬بل‬
                                                        ‫يكشف لنا هذا التحليل أن‬    ‫من وجهة نظرهم يجب أن‬
                                                       ‫«ماكس فيبر» كان متشك ًكا‬    ‫تعمل الحكومة والعدالة‬
                                                     ‫في الحركات الاجتماعية‪ ،‬التي‬   ‫على تعويض فرص حياتهم‬
                                                      ‫رأي أنها تنشأ من كتلة غير‬    ‫الاقتصادية والاجتماعية في‬
                                                       ‫متماسكة مدفوعة بمشاعر‬       ‫مواجهة الطبقات التي تملك‬
                                                                                   ‫السلطة والاقتصاد وكل‬
                                                          ‫غير عقلانية‪ .‬ووفق هذا‬    ‫فرص العيش الإنسانية»‬
                                                        ‫الرأي تنتمي رؤية «فيبر»‬
                                                         ‫للحركات الاجتماعية إلى‬       ‫مقدمة‪ :‬التنظير‬
                                                                                      ‫الاجتماعي وفهم‬
                                                         ‫الموجة الأولى من نظرية‬     ‫الحركات الاجتماعية‬
                                                        ‫الحركات الاجتماعية التي‬
                                                                                         ‫«ماكس فيبر»‬
                                                            ‫تمتد من «دوركهايم»‬        ‫واض ًحا للغاية في‬
                                                          ‫و»فيبر» إلى «سميلسر»‬      ‫أن صعود العقلانية‬
                                                         ‫و»بارسونز»‪ ،‬وجميعهم‬
                                                      ‫كانوا يعتقدون في أن الفعل‬         ‫الرسمية‪ ،‬سواء‬
                                                           ‫الجماعي استجابة غير‬          ‫في كل من البيروقراطية‬
                                                       ‫عقلانية للتغير الاجتماعي‪.‬‬      ‫أو القانون أو الديمقراطية‬
                                                       ‫واعتمدت الموجة الثانية من‬     ‫الجمعية‪ ،‬لا يعوض السكان‬
                                                        ‫نظرية الحركة الاجتماعية‬      ‫الخاضعين عن اضطهادهم‬
                                                          ‫على النظرية الماركسية‪،‬‬       ‫الاقتصادي والاجتماعي‪،‬‬
                                                                                     ‫بد ًل من ذلك‪ ،‬فإن العقلانية‬
                                                            ‫ونظرت إلى الحركات‬            ‫الرسمية التي تمتد إلى‬
                                                      ‫الاجتماعية على أنها عقلانية‬        ‫المساواة الحقوقية بين‬
                                                                                   ‫الجميع‪ ،‬تطيل أمد المظالم التي‬
                                                         ‫في سعيها وراء المصالح‬     ‫تتعرض لها الطبقات الفقيرة‪،‬‬
                                                        ‫خارج السياسة البرلمانية‪،‬‬       ‫التي تعاني قسوة العيش‬
                                                                                   ‫وصور الحرمان المركبة‪ ،‬وفي‬
                                                           ‫وكانت ناجحة بقدر ما‬     ‫هذا السياق‪ ،‬يقول «فيبر»‪ :‬إن‬
                                                        ‫تمكنت من تطوير الموارد‬      ‫الطريقة الوحيدة لتحدي هذا‬
                                                      ‫وتعبئتها‪ ،‬بما في ذلك الإطار‬    ‫الوضع‪ ،‬من خلال الوسائل‬
                                                                                      ‫غير الرسمية‪ ،‬سواء كانت‬
                                                           ‫الاستراتيجي المناسب‪،‬‬        ‫رأ ًيا عا ًّما أو عم ًل جمعيًّا‪،‬‬
                                                       ‫لتحقيق أهدافها‪ .‬كان علماء‬     ‫وللأسف هذه الوسائل يتم‬
                                                       ‫الاجتماع هنا يسعون وراء‬
                                                      ‫نظرية عامة للفعل الجماعي‬

                                                          ‫‪-‬وهي نظرية صحيحة‬
                                                            ‫عبر الزمان والمكان‪-‬‬

                                                        ‫أخذت السياق الاجتماعي‬
                                                         ‫والسياسي والاقتصادي‬

                                                              ‫كمتغير في الخلفية‪.‬‬
   176   177   178   179   180   181   182   183   184   185   186