Page 185 - merit 54
P. 185
183 الملف الثقـافي
الذاتي وصنع القرار يبدو الفعل الجماعي بعيد القادرة على تحرير السكان
الديمقراطي. المنال؛ لأن ذلك الحرمان المهمشين .ومن المثير للقلق
وصور المعاناة لا تتبلور في أن وجهة النظر هذه تتماشى
غير أن المبالغة في التركيز حركات اجتماعية ،واضحة مع رد فعل عنيف في العالم
على الثورة بوصفها حركة، الأهداف ،وتتمكن من تعبئة الحقيقي ضد النشطاء الفقراء
أسهم في التعتيم على الطبيعة الجماعات وتوفير الموارد، في بعض المجتمعات ،حيث
وتبني القدرات اللازمة للفعل حتى الأكاديميين اليساريين
الغريبة لهذه الثورة فيما والشخصيات العامة كثي ًرا
يتصل بمسألة التغيير، الجماعي.
خاصة مع ندرة الحديث فالمؤشر الأساسي لحركات ما يشجبون بعض هذه
النشاطات غير الرسمية
عما سيحدث غ ًدا ،في صباح الفقراء في مصر يكمن في باعتبارها «ما قبِل سياسيًّا أو
اليوم التالي لسقوط الطغاة. تناقضاتها المؤلمة ،فهي تجمع
من هذا كله يمكن الإشارة بين التعبئة الثورية والمسار إجراميًّا».
الإصلاحي ،أو بلغة «آصف الخلاصة هنا ،أن المرتكز
إلى أن المرتكز الاقتصادي بيات» هي بالأساس «نصف
والحرمان بصوره المختلفة، ثورة» وليست ثورة ،فالواقع الاقتصادي هو الباعث
أن ردود الفعل المتناقضة عن الأهم في حركات المجتمع
هي التي تصنع حركة حركات الفقراء التي تتراوح المصري ،وبالرغم من تدهور
الطبقات الفقيرة ،ولكنها العوامل الاقتصادية لدى
تظل حركة أفضل ما تصنعه بين الفرحة والخوف ،أو شرائح عديدة من المجتمع،
نصف ثورة ،لا تنفك إلى الثناء والخشية ،قد عبرت
ويتم الانقضاض عليها تما ًما عن الحقيقة المتناقضة
من تحالفات الرأسمالية
في الثورات العربية ،إذا
والسلطة ،بما يصلح كنا نعتبر الثورة تعني في
الواقع بدرجة تعيد إنتاج الحد الأدنى تغيي ًرا سري ًعا
مصالح الجماعات المهيمنة وجذر ًّيا في الدولة ،تقوده
اقتصاد ًّيا أو سياسيًّا أو حركات شعبية من الطبقات
عسكر ًّيا ،ودون مساس الفقيرة ،ويشر الاستقطاب في
الآراء إلى اختلاف عميق بين
واضح أو جذري ببنية مرتكزين في الحركة الثورية
السلطة القديمة ،وظلت هما :الحركة والتغيير .لقد
النخبة السياسية تتعامل ركزت السرديات المُحتفية
مع الاقتصاد والسياسة على الثورة بوصفها حركة
باعتبارهما مجالان منفصلان وعلى الأحداث الدراماتيكية
في الحياة الاجتماعية ،فبينما التي تنم عن روح التضامن
كان الفقراء أو المستبعدون والتضحية والإيثار والأهداف
اجتماعيًّا يطالبون بالعيش المشتركة ،وكل الأفعال التي
والعدالة ،لم تبذل النخبة
السياسية سوى مجرد وعود توشي بذوبان الفوارق
في شأن هذه المطالب الحيوية والانقسامات وتبدى الطبقات
لدي الطبقات الفقيرة الفقيرة قدرات مدهشة على
الابتكار في النشاط والتنظيم
-------
* أستاذ علم الاجتماع السياسي
المساعد ،جامعة سوهاج.