Page 189 - merit 54
P. 189

‫‪187‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

‫علي شريعتي‬                        ‫باولو فرايري‬                     ‫مجتمعهم‪ ،‬ولذلك كان من‬
                                                                  ‫الصعب ظلمهم أو السيطرة‬
   ‫‪ -4‬حرية المرأة وفتح باب‬        ‫الشعوب وإلهائها عن النباهة‬
‫الجدل والاختلاف بين الرجل‬             ‫الإنسانية‪ ،‬والاجتماعية‪،‬‬       ‫عليهم‪ ،‬وذلك على خلاف‬
                                       ‫وذلك بهدف خلق جيل‬        ‫المجتمع الإسلامي في العصر‬
 ‫والمرأة‪ ،‬بغرض إلهائهما عن‬
     ‫الأساسيات من القضايا‬          ‫ُمطا ِبق لمقاييسه وحساباته‪،‬‬      ‫العباسي‪ ،‬الذي بلغ ذروة‬
       ‫العادلة التي تتمثل في‬      ‫فإن الاستحمار الجديد يعمل‬      ‫التقدم العلمي والاقتصادي‪،‬‬
                                  ‫أي ًضا من أجل الهدف نفسه‪،‬‬     ‫والازدهار الفكري والفلسفي‬
‫حقوقهما الأساسية‪ ،‬ومشكلة‬                                          ‫والأدبي‪ ،‬إلا أنه َف َقد النباهة‬
    ‫الشرق والغرب‪ ،‬ومشكلة‬              ‫وذلك من خلال منظومة‬
    ‫المستع ِمرين والخاضعين‬         ‫ُمتعددة الأشكال والدوافع‪،‬‬       ‫الفردية والإنسانية‪ ،‬وغفل‬
                ‫للاستعمار‪.‬‬                                           ‫عن مصيره الاجتماعي‪،‬‬
                                                       ‫منها‪:‬‬
  ‫‪ -5‬التبعية والتقليد‪ ،‬بهدف‬                 ‫‪ -1‬إشاعة النزعة‬       ‫حتى أصبح غير مبا ٍل بأي‬
    ‫محو الذات‪ ،‬والقضاء على‬          ‫الاستهلاكية‪ ،‬بهدف سلب‬         ‫ظلم أو جور أو تبذير تقوم‬
    ‫الإبداع (المصدر السابق‪،‬‬       ‫الشعوب القدرة على الإنتاج‪.‬‬     ‫به السلطة آنذاك كما حدث‪،‬‬
          ‫صص‪)146 -139‬‬                    ‫‪ -2‬المناداة بالحريات‬   ‫على سبيل المثال‪ ،‬بعد الوليمة‬
    ‫ولكن كيف السبيل لعدم‬           ‫الفردية‪ ،‬لتكون أداة تخدير‬    ‫التي أقامها (جعفر البرمكي)‬
  ‫الوقوع في أسر الاستحمار‬                ‫كبرى لإغفال الحرية‬        ‫‪-‬وزير هارون الرشيد في‬
                                     ‫الاجتماعية‪ ،‬حيث النباهة‬
 ‫القديم والاستحمار الجديد؟‬            ‫الاجتماعية القضية ذات‬         ‫ذروة العصر العباسي‪-‬‬
‫يرى «شريعتي» أن أي قضية‬                      ‫الأهمية الكبرى‪.‬‬        ‫بمناسبة زفافه‪ ،‬حيث تم‬
                                     ‫‪ -3‬حرية الجنس‪ ،‬كبديل‬         ‫الإفراط في طبخ الطعام إلى‬
    ‫فردية أو اجتماعية‪ ،‬أدبية‬        ‫لما ينهبه ويسلبه من المواد‬   ‫حد أن أخذ الناس ُيخرجون‬
 ‫كانت أم أخلاقية أم فلسفية‪،‬‬                                        ‫البقية منه‪ ،‬من بغداد عدة‬
                                                      ‫الخام!‬    ‫أيام‪ ،‬فإذا هو جبل من الطعام‬
  ‫دينية أو غير دينية ُت ْع َر ُض‬                                ‫خارج المدينة‪ ،‬وبعد أن تغ َّذت‬
‫علينا‪ ،‬وهي بعيدة عن النباهة‬                                     ‫منه الطيور والحيوانات أيا ًما‬
                                                                ‫عديدة‪ ،‬تع َّفن باقيه في المدينة‪،‬‬
                                                                    ‫وأخذ يهدد صحة الناس‬
                                                                   ‫وسلامتهم‪ ،‬مما اضطرهم‬
                                                                   ‫لاستئجار جماعة لإبعاده‬
                                                                   ‫عن المدينة! ولم يظهر لهم‬
                                                                    ‫رجل واحد من المسلمين‬
                                                                ‫ليقول لهم‪ :‬هذا الطعام الكثير‬
                                                                ‫إسراف في الدين‪ .‬لماذا؟ لأنهم‬
                                                                   ‫فقدوا الدراية الاجتماعية‪،‬‬
                                                                 ‫حتى إذا جاءهم المغول ته َّدم‬
                                                                  ‫كل هذا الصرح الاجتماعي‬
                                                                    ‫الذي كان قائ ًما‪( .‬المصدر‬
                                                                 ‫السابق‪ ،‬صص‪)107 -103‬‬

                                                                        ‫وإذا كان الاستحمار‬
                                                                   ‫القديم قد عمل على إشغال‬
   184   185   186   187   188   189   190   191   192   193   194