Page 239 - merit 54
P. 239

‫الملف الثقـافي ‪2 3 7‬‬

 ‫معاوية‪ ،‬مثل الأحاديث التي‬         ‫الخليفة هو قضاء من الله قد‬       ‫نظام الإجماع الذي استحدثه‬
    ‫رويت في فضله كحديث‪:‬‬                        ‫ُق ِّدر على العباد‪.‬‬    ‫معاوية وأحمد بن حنبل إ َّل‬
                                                                     ‫أنه كان لفكرة الإجماع غاية‬
  ‫«اللهم أجعله هاد ًيا مهد ًّيا»‪،‬‬   ‫هذا بالإضافة إلى استحداث‬
  ‫وحديث «اللهم علِّم معاوية‬           ‫مفهوم «عدالة الصحابة»‪،‬‬        ‫تبنتها الدولة العباسية وروج‬
                                                                        ‫لها الفقهاء لتثبيت دعائم‬
       ‫الكتاب والحساب وقه‬          ‫الذي تم الترويج له مع بداية‬
   ‫العذاب»‪ ،‬وما رواه معاوية‬        ‫تأسيس الدولة الأموية‪ ،‬وذلك‬       ‫حكمهم ضد الثورات وأحزاب‬
                                                                                     ‫المعارضة‪.‬‬
     ‫عن نفسه م َّدعيًا أن ذلك‬        ‫في مقابل انتقادات الأحزاب‬
     ‫سمعه من الرسول مثل‬                 ‫المعارضة‪ ،‬وعلى رأسهم‬           ‫كما اتخذ الأمويون مسألة‬
 ‫الحديث الذي أخرجه العديد‬              ‫الشيعة‪ ،‬لبعض الصحابة‬             ‫«القدر» والترويج له بين‬
    ‫من رواة السنة كابن أبي‬              ‫الذين انضموا إلى جانب‬          ‫عقول العامة كأداة لتبرير‬
  ‫شيبه والطبراني‪« :‬عن عبد‬                                           ‫ممارساتهم القمعية‪ ،‬ولتثبيت‬
     ‫الله بن عميرة قال‪ :‬قال‬        ‫معاوية في الخروج على ولاية‬         ‫الوضع الراهن‪ ،‬وكما يشير‬
    ‫معاوية‪ :‬ما زلت أطمع في‬                         ‫الإمام عليٍّ‪.‬‬     ‫أبو «الهلال العسكري» فإن‬
 ‫الخلافة منذ قال رسول الله‬                                            ‫معاوية هو أول من زعم أن‬
‫يا معاوية إذا ملكت فأحسن»‪.‬‬               ‫هذا بالإضافة إلى إلهاء‬       ‫الله يريد أفعال العباد كلها‪،‬‬
                                        ‫العامة من خلال الوعاظ‬           ‫ولأجل ذلك عندما سألته‬
  ‫الدعاية بالعصمة‬                   ‫والقصاصين داخل المساجد‬              ‫السيدة عائشة عن سبب‬
 ‫والمظلومية في الفكر‬                                                ‫تنصيب ولده يزيد خليفة من‬
                                            ‫بالحكايات الخرافية‬         ‫بعده على رقاب المسلمين؛‬
       ‫الشيعي‬                            ‫والأساطير المنقولة عن‬        ‫أجابها قائ ًل‪« :‬إن أمر يزيد‬
                                      ‫الإسرائيليات‪ ،‬مثل أحداث‬           ‫قضا ٌء من القضاء وليس‬
     ‫في مقابل الحكم الأموي‬           ‫نهاية الكون ونزول المسيح‬        ‫للعباد الخيرة من أمرهم»(‪،)4‬‬
  ‫تبلورت العديد من الأحزاب‬          ‫والترويج لنبوءات وأحاديث‬
   ‫المعارضة لهم واستخدموا‬          ‫تتحدث عن فضل معاوية‪ ،‬في‬                ‫وهكذا استقر في أذهان‬
 ‫نفس أسلوب الدعاية‪ ،‬وذلك‬            ‫مقابل الأحاديث التي تروى‬          ‫المسلمين أن كل ما يأمر به‬
                                     ‫من جانب أحزاب المعارضة‬
     ‫لتأكيد سلطانهم وبسط‬                 ‫والشيعة للحط من قدر‬
 ‫نفوذهم لكسب أكبر قدر من‬
  ‫سلطة العامة‬
  ‫إلى سلطتهم‪،‬‬
‫ومنهم الشيعة‪،‬‬

     ‫فقد قاموا‬
   ‫بنفس المهنة‬
  ‫في التضخيم‬
 ‫والتفخيم لآل‬
   ‫البيت‪ ،‬بداية‬
 ‫من الإمام عليٍّ‬

    ‫ومن بعده‬
   ‫الأئمة الانثا‬
   ‫عشر‪ ،‬فعلى‬
   ‫مر العصور‬
   234   235   236   237   238   239   240   241   242   243   244