Page 238 - merit 54
P. 238

‫خلص المفكر الشيعي "أحمد الكاتب"‬

                              ‫في كتابه (الإمام المهدي) إلى حقيقة‬

                              ‫تاريخية أو فرضية فلسفية‪ ،‬هي أن‬

                              ‫"نظرية المهدوية" عند الشيعة ترتكز‬

                              ‫على الوهم التاريخي والتضليل المقصود‪،‬‬

                              ‫لابتزاز العامة وأخذ أموالهم بالباطل‪،‬‬

                              ‫وأن المنصفين من الشيعة قد تنبهوا‬

                              ‫مبكًرا إلى ارتكازها على أسس واهية‪،‬‬

‫أحمد الكاتب‬                   ‫ولا يقصد منها إلا الاستغلال السياسي‬
                              ‫الضيق بعي ًدا عن أية حقائق تاريخية أو‬

  ‫استخدمتها الدولة الأموية‬     ‫تتلقي الجماعات خطا ًبا تعمد‬    ‫نصوص شرعية‪.‬‬
   ‫لتحقيق أهدافها ومآربها‬     ‫مباشر ًة إلى تحويله إلى صور‪،‬‬
       ‫خلق الوهم في عقول‬       ‫حيث تتصور ما فيه مباشرة‬          ‫الدعاية السياسية إلى معاوية‬
                                                                  ‫بن أبي سفيان‪ ،‬حيث كان‬
 ‫الجماهير بفكرة «الإجماع»‪،‬‬          ‫من حسن أو قبح‪ ،‬وإذا‬
 ‫وقد تفوق الأمويون في هذا‬       ‫تعذر ذلك فمن الممكن العمل‬        ‫معاوية يع ُّد لنظام جديد هو‬
                                ‫على خلق تلك الصور داخل‬            ‫نظام الملك الدنيوي‪ ،‬ولهذا‬
   ‫الأمر‪ ،‬وابتكروا الأساليب‬     ‫مخيلتها عن طريق العبارات‬
   ‫التي تساعد على تحقيقه‪،‬‬      ‫والكلمات المناسبة‪ ،‬لذلك نجد‬      ‫السبب بنى معاوية سياسته‬
 ‫وقد استحدث معاوية نظام‬          ‫معاوية في دعايته ضد عليٍّ‬         ‫الدعائية على المطالبة بدم‬
   ‫أهل السنة والجماعة منذ‬       ‫ومحاولته للتأثير على وعي‬            ‫عثمان والطعن في أعدائه‬
 ‫عام ‪41‬هـ بعد تنازل الإمام‬      ‫الجماهير صعد إلى المنبر في‬         ‫وعلى رأسهم عل ٌّي بن أبي‬

     ‫الحسن له عن الخلافة‬         ‫مسجد دمشق حام ًل بيده‬          ‫طالب‪ ،‬حيث استخدم معاوية‬
  ‫لتأكيد هذا الأمر‪ ،‬وقد بنى‬   ‫قميص عثمان الملطخ بالدماء‪،‬‬         ‫العديد من أساليب الدعاية‪،‬‬
                                                                   ‫على سبيل المثال استخدم‬
     ‫معاوية هذا على أساس‬            ‫وعرض أصابع زوجته‬            ‫الرمز في الوصول إلى الغاية‬
    ‫ديني مستخد ًما أحاديث‬     ‫(نائلة) وهي تحاول أن تدافع‬           ‫المقصودة‪ ،‬حيث تتلخص‬
‫نبوية تروج لأهمية الجماعة‬                                        ‫أهمية الرموز في أنها تصل‬
 ‫وعدم الخروج عليها‪ ،‬ومنها‬          ‫عنه‪ ،‬وذلك إمعا ًنا منه في‬
   ‫ما روي عن الإمام أحمد‬      ‫إثارة الناس وتماد ًيا في دعواه‬   ‫إلى العامة والتأثير على الوعي‬
 ‫بن حنبل‪« :‬السمع والطاعة‬       ‫للمطالبة بدم عثمان‪ ،‬ومبر ًرا‬     ‫الجمعي لهم بسرعة شديدة‪،‬‬
  ‫للأئمة وأمير المؤمنين البر‬  ‫أي ًضا لخروجه عن مبايعة عليٍّ‬
 ‫والفاجر ومن ولي الخلافة‪،‬‬                                            ‫وكما يشير (جوستاف‬
   ‫فأجمع الناس ورضوا به‬                     ‫بن أبي طالب‪.‬‬       ‫لوبون) في كتابه سيكولوجية‬
‫ومن غلبهم بالسيف ويسمى‬                 ‫ومن الأساليب التي‬        ‫الجماهير «تخضع الجماهير‬
 ‫أمير المؤمنين»‪ ،‬وعلى الرغم‬                                     ‫لتأثير الصور المعبرة بشكل‬
‫من المدة الزمنية الفاصلة ين‬
                                                                 ‫كبير عند مخاطبتها‪ ،‬فعندما‬
   233   234   235   236   237   238   239   240   241   242   243