Page 236 - merit 54
P. 236

‫العـدد ‪54‬‬                                ‫‪234‬‬

                                 ‫يونيو ‪٢٠٢3‬‬                             ‫الجماهير تميل إلى فرض‬
                                                                         ‫سطوتها على السياسة‪،‬‬
‫مصالحه المباشرة‪ ،‬بنا ًء على ما‬        ‫يتعرض لخطر الإقصاء‪.‬‬
  ‫يتم تغذية عواطف الجمهور‬            ‫ويحس الإنسان الجمهور‬             ‫وأصبح تحليل الرأي العام‬
    ‫به بواسطة أدوات التأثير‬       ‫بنفسه كام ًل‪ ،‬متباهيًا‪ ،‬ويخيل‬      ‫للجمهور هو الشغل الشاغل‬
 ‫والإقناع غير المباشرة والتي‬       ‫إليه أنه حصيف ومدرك لكل‬            ‫للحكومات ومراكز الإعلام‪،‬‬
  ‫تعتمد على السوشيال ميديا‬       ‫شيء‪ ،‬أما النخبوي فهو عكس‬            ‫فليس هناك أسرع من تغير‬
  ‫ووسائل تغيير الوعي العام‬       ‫ذلك‪ ،‬هو قلق باستمرار يخشي‬          ‫فكر الجماهير‪ ،‬فهي كثي ًرا ما‬
                  ‫للمجتمع‪.‬‬          ‫الوقوع في براثن الجماهير‪.‬‬      ‫تستقبل باللعنات قرارات اليوم‬
                                     ‫وهنا نجد أن الهيمنة التي‬       ‫التي كانت تصفق لها وتدافع‬
   ‫قراءات مقترحة‪:‬‬                 ‫يمارسها الجمهور على الحياة‬
                                  ‫العامة هو العامل المسيطر في‬                     ‫عنها بالأمس‪.‬‬
  ‫إيريك هوفر‪ ،‬المؤمن الصادق‪،‬‬     ‫الموقف الراهن‪ ،‬ولم يكن يخطر‬               ‫في أيامنا هذه يستولى‬
   ‫أفكار حول طبيعة الحركات‬       ‫ببال أحد أن الجماهير تعارض‬         ‫الجمهور الحاشد على الأمكنة‬
     ‫الجماهيرية‪ ،‬ترجمة غازي‬       ‫أفكار السياسي بأفكار أخرى‬               ‫والأدوات التي خلقتها‬
‫القصيبي‪ ،‬القسم الثالث‪ ،‬الفصل‬      ‫تعتقد أنها تمتلكها‪ ،‬الجماهير‬          ‫الحضارة‪ ،‬وترى عيوننا‬
                                      ‫لا تستمع الآن بل تحكم‬         ‫جمو ًعا في كل مكان‪ ،‬واستقر‬
                ‫الثاني عشر‪.‬‬          ‫وتحاكم وتقرر‪ ،‬ولا توجد‬        ‫في الأماكن المفضلة في المجتمع‪،‬‬
‫خوسه أورتغا إي غاست‪ ،‬تمرد‬           ‫مسألة في الحياة العامة إلا‬       ‫أصبح هو الشخص الرئيس‬
  ‫الجماهير‪ ،‬ترجمة علي إبراهيم‬     ‫ويتدخل فيها الجمهور تدخ ًل‬       ‫وبؤرة الأحداث‪ ،‬فالجمهور هو‬
                                      ‫حا ًّدا فار ًضا آراءه بقوة‪.‬‬  ‫الإنسان العادي عندما يتحول‬
  ‫الأشقر‪ ،‬الجزء الأول‪ ،‬الفصل‬      ‫وقدم الجمهور نفسه على أنه‬          ‫من الكم إلى الكيف المشترك‪،‬‬
     ‫(الأول‪ /‬الثاني‪ /‬الثامن‪/‬‬         ‫صانع أفكار‪ ،‬ولكن صانع‬          ‫هو الإنسان ما دام لا يختلف‬
           ‫التاسع‪ /‬العاشر)‪.‬‬       ‫الأفكار يجب أن يكون متقبِّ ًل‬        ‫عن البشر الآخرين‪ ،‬وهذا‬
                                  ‫لحب الحقيقة والقبول بها في‬        ‫يستلزم توافق رغبات وأفكار‬
 ‫غوستاف لوبون‪ ،‬سيكولوجية‬          ‫إطار منظم‪ ،‬وهذا ينافى طبيعة‬          ‫الأفراد وطريقة وجودهم‪.‬‬
‫الجماهير‪ ،‬ترجمة هاشم صالح‪،‬‬          ‫الإنسان الجمهور العاطفي‬           ‫الجمهور هو واقعة نفسية‪،‬‬
 ‫الكتاب الأول‪ :‬الفصل (الأول‪/‬‬           ‫الذي تدفعه مشاعره إلى‬           ‫ويمكن الحكم على شخص‬
                                  ‫الفعل‪ ،‬فهو لا يقبل بأي شكل‬          ‫واحد إن كان جمهو ًرا أم لا‬
   ‫الثاني)‪ ،‬الكتاب الثاني‪ :‬آراء‬   ‫الحكم على أفكاره‪ ،‬ويتجه إلى‬      ‫نظ ًرا لإحساسه بنفسه أنه مثل‬
   ‫الجماهير وعقائدها‪ ،‬الفصل‬      ‫أن يفرض ما يرغب فيه بشكل‬            ‫سائر الناس‪ .‬وليس انقسام‬
                                      ‫مباشر‪ .‬إن طريقة العمل‬           ‫المجتمع إلى جماهير ونخب‬
     ‫(الأول‪ /‬الثاني‪ /‬الثالث‪/‬‬      ‫المباشر هي الأسلوب الخاص‬             ‫مميزة انقسا ًما إلى طبقات‬
                    ‫الرابع)‪.‬‬         ‫بطريقة العمل الطبيعية في‬       ‫اجتماعية‪ ،‬إنما إلى طبقات من‬
                                   ‫الحياة العامة لدى الجماهير‪.‬‬      ‫البشر‪ .‬غير أن الجمهور الآن‬
    ‫سيغموند فرويد‪ ،‬علم نفس‬             ‫ومن هذا المنطلق‪ ،‬ووف ًقا‬     ‫حل محل النخب في استعمال‬
 ‫الجماهير وتحليل الأنا‪ ،‬ترجمة‬       ‫لكل ما سبق ذكره‪ ،‬نستنج‬              ‫أدوات الحضارة دون أن‬
                                                                        ‫يتخلى عن كونه جمهو ًرا‪.‬‬
           ‫جورج طرابيشي‪.‬‬               ‫أن ردود الفعل الشعبية‬         ‫فالجمهور يهاجم كل ما هو‬
         ‫د‪ .‬مصطفى حجازي‪،‬‬           ‫‪-‬خصو ًصا في الدول النامية‬           ‫مختلف وفردي ونخبوي‪،‬‬
  ‫التخلف الاجتماعي مدخل إلى‬      ‫والأقل تحض ًرا‪ -‬من الممكن أن‬           ‫ومن ليس مثل كل الناس‬
  ‫سيكولوجية الإنسان المقهور‪,‬‬       ‫تجعل الجمهور يتحرك ضد‬
  ‫الفصل الثاني‪ /‬الفصل الثالث‬

                   ‫‪-----‬‬
‫* باحث ماجستير في الفلسفة‬

       ‫السياسية في موضوع‬
   ‫(النظرية السياسية الرابعة‬

       ‫عند ألكسندر دوجين)‬
   231   232   233   234   235   236   237   238   239   240   241