Page 231 - merit 54
P. 231

‫الملف الثقـافي ‪2 2 9‬‬‫سيكولوجية الجماهير ‪..‬‬                          ‫أو ًل‪ :‬الخصائص‬                ‫ما تبدأ سيكولوجية‬
                        ‫بين الشعور بالقهر وردود الفعل‬              ‫النفسية والذهنية‬                ‫الجماهير وردود‬
   ‫علاء الجدامي*‬                                                    ‫للإنسان المقهور‬                   ‫الفعل الشعبية‬
                                                          ‫دائمً ا‬                                   ‫من سيكولوجية‬
                                                                    ‫يعيش الإنسان المقهور في‬           ‫الإنسان الفرد‬
                                                                    ‫عالم من العنف المفروض‪.‬‬           ‫ذاته‪ ،‬ثم تعمم على أقرانه‬

                                                                       ‫عنف يأتي من الطبيعة‬        ‫من الأفراد الآخرين‪ ،‬وعندما‬
                                                                 ‫وغوائلها التي لا يستطيع لها‬         ‫نقول جمهو ًرا فإننا نعني‬
                                                                                                      ‫بذلك الإنسان العادي أو‬
                                                                    ‫رد ًعا‪ ،‬والتي تشكل تهدي ًدا‬
                                                                   ‫فعليًّا لقوته وأمنه وصحته‬      ‫بالأحرى الإنسان الجمهور‪،‬‬
                                                                                                   ‫فهو ليس سي ًدا ولا نخبو ًّيا‬
                                                                       ‫(الجفاف‪ ،‬الفيضانات‪،‬‬        ‫ولا صانع قرار‪ ،‬إنه منخرط‬
                                                                  ‫الحريق‪ ،‬الأمراض والأوبئة‪،‬‬
                                                                  ‫الحروب‪ ،‬والآفات الزراعية‪..‬‬             ‫بين أقرانه يشعر بما‬
                                                                                                   ‫يشعرون به ويتصرف كما‬
                                                                      ‫إلخ)‪ .‬هذا العنف يجعله‬       ‫يتصرفون‪ .‬ومن هنا نجد أن‬
                                                                  ‫يعيش في عالم الضرورة‪ ،‬في‬        ‫القهر هو من يجعل الإنسان‬
                                                                 ‫حالة فقدان متفاوت في قدرته‬
                                                                                                      ‫العادي يحتمي بأشباهه‬
                                                                       ‫للسيطرة على مصيره‪.‬‬              ‫الآخرين ليطمئن نفسه‬
                                                                       ‫إن حالة التهديد الدائم‬      ‫ويصبح أقوى‪ ،‬ومن خلال‬
                                                                     ‫الصريح أو الكامن لحياة‬      ‫هذا الاحتماء فإنه يستطيع أن‬
                                                                     ‫الإنسان من قبل الطبيعة‬      ‫يبدى آراءه ويقرر ويعترض‪.‬‬
                                                                   ‫تجعله يتساءل هل ستحمل‬          ‫لكن دائ ًما ما يكون الجمهور‬
                                                                  ‫له الخير والرخاء من خلال‬          ‫أي ًضا م ُقود من قبل قائده‪،‬‬
                                                                     ‫عطائها أم البلاء والشقاء‬      ‫إنه فاقد لكل إرادة ومقهور‬
                                                                     ‫من خلال قسوتها؟ القلق‬        ‫ويحتاج لمن ينظمه ويوجهه‪،‬‬
                                                                  ‫على الصحة والرزق والأمن‬         ‫إلا أن هذا الأمر اتخذ من ًحى‬
                                                                       ‫يلازمه على الدوام منذ‬     ‫مختل ًفا في يومنا هذا‪ .‬وسنبدأ‬
                                                                   ‫الصباح حتى المساء‪ ،‬خارج‬              ‫في تتبع هذا الموضوع‬
                                                                                                       ‫بد ًءا من الإنسان الفرد‬
                                                                               ‫البيت وداخله‪.‬‬          ‫إلى الجمهور لفهم ردود‬
                                                                   ‫إن علاقة القهر التي يشعر‬         ‫الفعل الشعبية‪ ،‬موضحين‬
                                                                                                  ‫الخصائص الذهنية‪ ،‬وطريقة‬
                                                                     ‫بها الإنسان تجاه قسوة‬       ‫التفكير‪ ،‬وكيفية تكوين الآراء‬
                                                                      ‫الطبيعة‪ ،‬وعلاقة العنف‬         ‫الخاصة بالجمهور‪ ،‬ودور‬
                                                                    ‫الكامن بينه وبينها‪ ،‬ليست‬      ‫محركي الجماهير في التأثير‬
                                                                    ‫الوحيدة ولكن هناك قه ًرا‬     ‫عليه‪ ،‬ووسائل إقناعه ومكانة‬
                                                                   ‫من نوع آخر‪ ،‬قه ًرا إنسانيًّا‬      ‫الجمهور في صنع القرار‬
                                                                       ‫مصدره ليس الطبيعة‪.‬‬
                                                                    ‫فالإنسان المتخلف‪ ،‬هو في‬                           ‫اليوم‪.‬‬
                                                                  ‫النهاية الإنسان المقهور أمام‬
                                                                    ‫القوة التي يفرضها السيد‬
                                                                  ‫عليه‪ ،‬أو المتسلط‪ ،‬أو الحاكم‬
   226   227   228   229   230   231   232   233   234   235   236