Page 229 - merit 54
P. 229
سيكولوجية الجماهير تميل إلى جورج هيجل
تغيير الأوضاع غير الراضية عنها ،عن
طريق الثورات والانتفاضات وتكوين والاستلاب ،أو الوعي بأن
الأحزاب المعارضة ،فهناك سلطة لا وضع المعاناة هو حالة من
تهتم بصوت الجماهير ولا تسمع سوى الظلم ،ووعي بأن المعاناة
صوتها ،وهناك سلطة تعطي شرعية ليست مبررة ،ولا هي حالة
طبيعية معطاة ،ومن ثم فإن
للجماهير في المشاركة في الحياة الحالة الثورية ليست فقط
السياسية وهي السلطة المنشودة، عام ًل موضوعيًّا بسي ًطا ،بل
والجماهير على الأغلب لا تتصف هي نتاج تشابك العوامل
بالعقلانية وإدراك الحقائق ،ولكنها الموضوعية بالوعي السياسي
تسير وفق ما يتلائم مع أهوائها بضرورة التغيير ،والوعي
ورغباتها. بضرورة التغيير هنا لا يعني
وحتى لا يختلط بالأعمال الجماهير ولا تسمع سوى الوعي بالظلم فحسب ،بل
السياسية القائمة على الكذب صوتها ،وهناك سلطة تعطي أي ًضا مناشدة واقع أفضل،
شرعية للجماهير في المشاركة
والخداع والمكائد لتحقيق والإيمان بإمكانية تحقيق
غايات وأهداف بعينها، في الحياة السياسية وهي ذلك ،مع إدراك أن الفعل
السلطة المنشودة ،والجماهير الشعبي والجماهيري الذي
أي يجب فصل الدين عن يفسح المجال لتغيير النظام
الدولة ،فنلحظ اختلاف في على الأغلب لا تتصف
سيكولوجية الجماهير ،فهناك بالعقلانية وإدراك الحقائق، القائم أمر ممكن.
من يريد حكم ديني ،وهناك ولكنها تسير وفق ما يتلائم ومن خلال ذلك نجد أن
من يريد حكم مدني ،وهناك مع أهوائها ورغباتها ،فلكل سيكولوجية الجماهير تميل
إلى تغيير الأوضاع غير
من لا يريد قيام الثورة شخص قناعة يؤمن بها، الراضية عنها ،عن طريق
وتغيير الأوضاع ،ولكل منهم وينساق وراءها ،فعندما الثورات والانتفاضات
وجهة نظر يبني عليها أفكاره قامت ثورة 25يناير في وتكوين الأحزاب المعارضة،
مصر ،قامت لتغيير نظام فهناك سلطة لا تهتم بصوت
وتصوراته وقناعاته التي مستبد وظالم أم ًل في واقع
يؤمن بها ،وهنا يأتي دور أفضل ،وبعد سقوط النظام
الحرية وأهميتها ،وهي من
الحقوق الطبيعية للإنسان، اختلفت الجماهير فيما
فكل إنسان حر في اختياراته بينها ،فهناك من رأى أنه
ويتحمل تبعاتها ،ولكن يأتي لا بد من حكم ديني يطبق
السؤال الأهم :هل يمكن أن الشريعة ويحكم بما يرضي
تتفق الجماهير جميعها على الله ،وهناك من رأى أنه لا
يجب دخول الدين في معترك
حكم وسياسة ما؟ السياسة نظ ًرا لقدسية الدين،
بالطبع لا ،فلا يمكن أن