Page 234 - merit 54
P. 234

‫العـدد ‪54‬‬                            ‫‪232‬‬

                                  ‫يونيو ‪٢٠٢3‬‬                                      ‫النقيض‪.‬‬
                                                                  ‫‪ -‬سرعة التأثر وتصديق‬
   ‫ونتيجة حدث محدد‪ .‬ولكن‬                ‫نزوات وغرائز شديدة‬       ‫أي شيء‪ :‬فالجمهور يتلقى‬
    ‫ما يهمنا هنا تلك العوامل‬        ‫الهيجان‪ ،‬وكلما كان حجم‬        ‫الأوامر وهو مليء بالمشاعر‬
                                   ‫الجمهور كبي ًرا؛ أمن أفراده‬
  ‫المباشرة التي تفجر عواطف‬         ‫من العقاب‪ ،‬ولكن ذلك يؤثر‬          ‫الخالية من الاحتكام إلى‬
           ‫وأفكار الجماهير‪.‬‬                                     ‫العقل‪ ،‬وهنا تدخل الأسطورة‬
                                      ‫على أخلاقيات الجمهور‪،‬‬
   ‫ولنبدأ أو ًل بعامل «الصور‪،‬‬        ‫إلا أنها تستطيع أي ًضا أن‬        ‫في شكل تضخيم هائل‬
   ‫والكلمات‪ ،‬والعبارات»‪ :‬إنها‬        ‫تقدم أعما ًل أخلاقية عليا‬     ‫للأحداث البسيطة‪ ،‬وتحل‬
 ‫سحر الجماهير‪ ،‬لأنها تعرف‬             ‫إذا قصدنا في ذلك بعض‬           ‫الهلوسات محل الوقائع‬
‫جي ًدا كيف تثير روح الجماهير‬       ‫الصفات كالتضحية بالنفس‬         ‫الحقيقية التي لا علاقة لها‬
    ‫ومتى تهدئها‪ .‬إن الكلمات‬       ‫من أجل الآخرين والإخلاص‬         ‫بها‪ ،‬ويستطيع المحرض أن‬
‫والعبارات تثير صو ًرا ورمو ًزا‬                                  ‫يستغل هذه الخاصية للتحكم‬
   ‫في مخيلة الجماهير‪ ،‬وكلما‬                        ‫والنزاهة‪.‬‬      ‫في رد فعل الجماهير كيفما‬
  ‫كانت الكلمة عامة ومنزوعة‬
                                   ‫ثال ًثا‪ :‬العوامل التي‬                             ‫يشاء‪.‬‬
     ‫عن مضمونها كلما كانت‬         ‫تحدد آراء الجماهير‬              ‫‪ -‬العواطف الاستبدادية‪:‬‬
 ‫أكثر قدرة على التأثير‪ ،‬فمث ًل‬
‫كلمة حرية أو مساواه‪ ،‬كلمات‬              ‫وعقائدها‬                        ‫وهي سمة الجماهير‬
   ‫عامة وغامضة ومختلفة في‬                                       ‫الخطيرة‪ ،‬فالجماهير إما تقبل‬
  ‫تعريفها من مجتمع إلى آخر‬             ‫هناك نوعان من العقائد‪،‬‬
 ‫وف ًقا لعقائده وأفكاره‪ ،‬ولكنها‬        ‫الأولى منها العوامل غير‬      ‫الأفكار التي يحرضونها‬
‫تمثل قوة خارقة محركة لروح‬              ‫المباشرة التي تعمل على‬          ‫عليها دفعة واحدة او‬
‫الجماهير عند استخدامها لأي‬        ‫المستوى البعيد لتشكيل ذهنية‬         ‫ترفضها دفعة واحدة‪،‬‬
                                     ‫الجماهير وعقائدها‪ ،‬ومنها‬
                ‫غرض كان‪.‬‬           ‫العرق والتقاليد والمؤسسات‬       ‫كما أنها تحترم القوة ولا‬
    ‫ثانيًا يأتي عامل الأوهام‪:‬‬        ‫السياسية‪ ،‬ونظام التعليم‪،‬‬        ‫تميل إلى احترام الطيبة‪،‬‬
 ‫الجماهير هم ضحايا الأوهام‬            ‫وهنالك العوامل المباشرة‬         ‫معتبرة إياها شك ًل من‬
   ‫دائ ًما‪ ،‬فقدي ًما كانوا ضحايا‬   ‫التي تحرك تلك العوامل غير‬     ‫أشكال الضعف‪ .‬إن عواطف‬
‫الوهم الأسطوري الديني الذي‬             ‫المباشرة في لحظة معينة‬     ‫الجماهير تقودها دائ ًما إلى‬
 ‫دفعهم لبناء المعابد والتماثيل‪،‬‬                                     ‫الانتقال من الفوضى إلى‬

                                                                                  ‫العبودية‪،‬‬
                                                                              ‫ومن العبودية‬
                                                                               ‫إلى الفوضى‬

                                                                                 ‫وف ًقا لهيبة‬
                                                                              ‫السلطة‪ ،‬فهي‬
                                                                             ‫دائ ًما تميل إلى‬
                                                                               ‫التمرد عندما‬
                                                                              ‫تكون السلطة‬

                                                                                   ‫ضعيفة‪.‬‬
                                                                             ‫على هذا النحو‬
                                                                              ‫فإن الجماهير‬
                                                                            ‫‪-‬كما هو الحال‬
                                                                               ‫دائ ًما‪ -‬لديها‬
   229   230   231   232   233   234   235   236   237   238   239