Page 241 - merit 54
P. 241

‫الملف الثقـافي ‪2 3 9‬‬

       ‫المهدوية» عند الشيعة‬         ‫كل أحلامهم وطموحاتهم‬           ‫موسى من مصر مساو ًيا‬
  ‫ترتكز على الوهم التاريخي‬      ‫وآلامهم»(‪ .)6‬هذا بالإضافة إلى‬       ‫لخروج الحسين لإضفاء‬
 ‫والتضليل المقصود‪ ،‬لابتزاز‬      ‫الترويج لفكرة المهدي المنتظر‬    ‫مزي ٍد من القداسة على خروج‬
‫العامة وأخذ أموالهم بالباطل‪،‬‬
   ‫وأن المنصفين من الشيعة‬         ‫التي يروج لها الشيعة‪ ،‬على‬                       ‫الحسين‪.‬‬
‫قد تنبهوا مبك ًرا إلى ارتكازها‬   ‫اعتبار أن الإمام الثاني عشر‬      ‫كما روج الشيعة للاعتقاد‬
 ‫على أسس واهية‪ ،‬ولا يقصد‬        ‫«محمد بن الحسن العسكري»‬           ‫بعصمة الأئمة‪ ،‬وأن الإمام‬
‫منها إلا الاستغلال السياسي‬
 ‫الضيق بعي ًدا عن أية حقائق‬          ‫ما زال حيًّا ينتظر الوعد‬       ‫مطهر من جميع الذنوب‬
‫تاريخية أو نصوص شرعية‪.‬‬          ‫الإلهي بالخروج لإقامة العدل‬         ‫والخطايا‪ ،‬وهذا الاعتقاد‬
  ‫ومن خلال العرض السابق‬                                             ‫والترويج والدعاية له قد‬
‫لما طرحناه من عوامل تشكل‬          ‫في الدنيا بعد أن ملئت ظل ًما‬   ‫شكل صورة ذهنية ملائكية‬
 ‫الوعي السني والشيعي بعد‬             ‫وجو ًرا‪ ،‬وفي تلك الدعاية‬     ‫للإمام في ذهن العامة‪ ،‬وفي‬
  ‫وفاة الرسول وما تلاه من‬                                       ‫الوقت نفسه دليل على رفض‬
  ‫أحداث؛ نجد أن لكل جماعة‬        ‫والترويج لها خرق لنواميس‬           ‫الشيعة لجميع السلطات‬
‫مذهبية منهم تاريخها المق َّدس‬      ‫الكون‪ ،‬والتي وجد الشيعة‬      ‫التي أفرزها الواقع التاريخي‬
                                     ‫فيها ضالتهم لاستمرار‬          ‫بعد مقتل الإمام الحسين‪،‬‬
     ‫الذي احتوى على العديد‬                         ‫مذهبهم‪.‬‬      ‫«لقد تحول الحسين إلى رمز‬
    ‫من الأساطير والخوارق‬           ‫ولقد خلص المفكر الشيعي‬          ‫احتوى داخله كل مشاعر‬
  ‫التأسيسية للمذهبين‪ ،‬حتى‬            ‫«أحمد الكاتب» في كتابه‬      ‫وأفكار الاضطهاد من وجهة‬
   ‫يتيح للوجدان الشعبي أن‬          ‫(الإمام المهدي) إلى حقيقة‬       ‫نظر الشيعة‪ ،‬فتم تضخيم‬
    ‫يحتمي بها ضد النسيان‬         ‫تاريخية أو فرضية فلسفية‪،‬‬         ‫هذا الرمز ليتحول إلى قيمة‬
                                                                ‫تعبر عن الذات الجماعية لتلك‬
                                 ‫(فقد طرح فيه مسألة الإمام‬          ‫الجماعة‪ ،‬وتصبح مصب‬
                                     ‫المهدي للنقد‪ ،‬وتتبع تلك‬

                                  ‫الفكرة عبر مراحل تطورها‬
                                    ‫المختلفة)‪ ،‬هي أن «نظرية‬

                                                                       ‫الهوامش‪:‬‬

                                                       ‫* باحث بالتاريخ والتصوف وفلسفة الأديان‪.‬‬
                                   ‫‪ -1‬محمد منير حجاب‪ ،‬الدعاية السياسية في العصر الأموي‪ ،‬ص‪.70‬‬
              ‫‪ -2‬أحمد بدر‪ ،‬الاتصال بالجماهير بين الإعلام والدعاية والتنمية‪ ،‬وكالة المطبوعات‪ ،‬الكويت‪.‬‬

                                     ‫‪ -3‬محمود كامل المحامي‪ ،‬الإعلام والرأي العام‪ ،‬دار نهضة مصر‪.‬‬
 ‫‪ -4‬انظر جعفر السبحاني‪ ،‬بحوث في الملل والنحل‪ ،‬مؤسسة النشر الإسلامي‪ ،‬قم‪ ،‬إيران‪ .‬وانظر أي ًضا‪ :‬ابن‬
‫قتيبة‪ :‬الإمامة والسياسة‪ ،‬الهيئة العامة لقصور الثقافة‪ .‬أي ًضا‪ ،‬عبد الجواد ياسين‪ ،‬السلطة في الإسلام‪ ،‬العقل‬

                                                                 ‫الفقهي السلفي بين النص والتاريخ‪.‬‬
                                                 ‫‪ -5‬الحج ميرزا أبو الفضل الطهراني‪ ،‬شفاء الصدور‪.‬‬
                                  ‫‪ -6‬نق ًل عن‪ :‬أحمد لاشين‪ ،‬كربلاء بين الأسطورة والتاريخ‪ ،‬دار رؤية‪.‬‬
   236   237   238   239   240   241   242   243   244   245   246