Page 272 - merit 54
P. 272

‫تصنيف العمل‬                                                ‫العـدد ‪54‬‬                          ‫‪270‬‬

       ‫لو حاولنا تصنيف العمل‬                                                   ‫يونيو ‪٢٠٢3‬‬   ‫بالتأمل والنظر عمي ًقا نحو ما لا‬
 ‫الروائى «حجاب الساحر» سنجد‬                                                                                ‫يراه الآخرون»‪.‬‬
                                                   ‫أحمد الشهادي‬
    ‫أنفسنا أمام أكثر من تصور‪،‬‬                                                                   ‫في (ص‪ )١١‬يقول‪« :‬لن أرتب‬
‫فهل هي رواية صوفية؟ أم رواية‬              ‫هما المنهج السردي الوصفي‬                          ‫الأشياء‪ ،‬ولن أحجب عنها وعنى‬
                                        ‫في نصف الرواية الأول وأجزاء‬                          ‫ما أراه ماث ًل في جنب مخيلتي‪،‬‬
  ‫إنسانية أم اجتماعية نفسية؟ أم‬         ‫من الثاني‪ ،‬ثم اعتمد على المشهد‬
   ‫أنها تأصيل لنوع جديد يسمى‬           ‫كنسق أساسي والمنهج السردي‬                              ‫فأنا من أهل الكشف والتأويل‬
‫أدب العشق؟ أرى أننا أمام رواية‬                                                                  ‫والمعنى الباطني والشطح في‬
   ‫تشمل كل هذه الأنواع‪ ،‬وربما‬                ‫الوصفي كنسق جانبي في‬                                                 ‫التوهم»‪.‬‬
                                       ‫النصف الثاني من الرواية‪ .‬تخلل‬
     ‫فيها تصنيفات أخرى كأدب‬           ‫هذا قاعدة معلوماتية قلَّما تتواجد‬                      ‫إ ًذا استهل الكاتب روايته بجعل‬
    ‫الرحلات‪ ،‬فهي رواية إنسانية‬                                                               ‫البطل راو ًيا متكل ًما‪ ،‬يتحدث عن‬
    ‫جامعة فرشت قماشة العشق‬               ‫داخل عمل‪ ،‬تتمثل فى معلومات‬
  ‫لآخرها‪ ،‬ورتقت ما فعله السحر‬          ‫عن السحر والسحرة‪ ،‬والأحجار‬                               ‫مغزى كتابته‪ ،‬فوضع النقاد‬
  ‫فى روح المعشوق على اتساعها‪،‬‬                                                                 ‫فى خجل من النظريات النقدية‬
  ‫إلا أنها تناولت ‪-‬أي ًضا‪ -‬جوانب‬             ‫الكريمة‪ ،‬ثم عن الحضارة‬
‫اجتماعية تخص سطوة الرجل في‬              ‫المصرية القديمة وأسماء الآلهة‬                            ‫المتحفزة فى جعبة أدمغتهم‪.‬‬
 ‫المجتمع الشرقي‪ ،‬رجل يلقى على‬           ‫ودورهن فى الحياة‪ ،‬مثل إيزيس‬                        ‫فالكاتب يشكل واقع الأشياء كما‬
  ‫المرأة دائ ًما الاتهامات الأخلاقية‬   ‫وسخمت وغيرهما‪ .‬ثم معلومات‬
 ‫التي تكون قابلة للتصديق لمجرد‬        ‫عن النفس والروح وبصمة الروح‬                                      ‫تراها نفسه الأثيرة‪.‬‬
   ‫أنها امرأة‪ ،‬يتجلى هذا فى علاقة‬       ‫التي تميز كل إنسان عن غيره‪،‬‬
 ‫زوج الأخت «غازي» بـ»شمس»‪.‬‬                                                                    ‫الرواة داخل النص‬
 ‫أي ًضا ظهرت بعض هذه الجوانب‬               ‫عن العشق ودرجاته ورؤية‬
‫الاجتماعية فى معاملة الأم لشمس‬           ‫العاشق للمعشوق‪ ،‬عن السحر‬                               ‫تعددت أشكال الرواة داخل‬
 ‫والقسوة التي كانت تعاملها بها‪،‬‬           ‫وطرقه‪ .‬تخلل هذا مشاهد فى‬                               ‫«حجاب الساحر»‪ ،‬قاد هذا‬
     ‫وربما تجلى هذا فى النكسات‬          ‫الهرم الأكبر‪ ،‬والبحيرة المقدسة‬                           ‫التعدد الحرية فى التجريب‪،‬‬
 ‫النفسية التي مرت بها شمس فى‬             ‫فى الأقصر‪ ،‬ومشاهد فى اليمن‪،‬‬                          ‫فتارة يستخدم الرواى المتكلم‪،‬‬
 ‫علاقاتها المتعددة‪ ،‬وخداع الرجل‬          ‫بعضها واقعي والبعض الآخر‬                              ‫وتارة الراوي العليم المتماهي‬
‫اليساري لها واستغلالها جسد ًّيا‪،‬‬          ‫غرائبي‪ .‬تخلل المشاهد فقرات‬                         ‫مع الشخصية‪ ،‬والراوي العليم‬
  ‫ثم تأثير غازي على أختها‪ ،‬فلقد‬       ‫سردية‪ ،‬عبر فيها «عمر الحديدي»‬                             ‫المحايد‪ ،‬وتارة الرواى العليم‬
    ‫قام بسهولة بقطع حبل الثقة‬                                                                  ‫المتبنى لتيار الوعى‪ ،‬فقد كان‬
                                            ‫عن درجات عشقه لشمس‪.‬‬                             ‫يتحدث فى الأفكار المنطقية وغير‬
                 ‫والأمان بينهما‪.‬‬                                                             ‫المنطقية على ح ٍّد سواء‪ ،‬وقد تم‬
        ‫ومن دلائل تفعيل المنحى‬                                                             ‫استخدام هذا التعدد دون ضوابط‬
‫الاجتماعي داخل العمل‪ ،‬هو اللقاء‬                                                                  ‫منطقية‪ ،‬أو قواعد معروفة‪.‬‬
 ‫الذى دار بين شمس وصديقاتها‬                                                                   ‫فلا نستطيع إطلاق اسم تعدد‬
   ‫عن عملية «استئصال الرحم»‪،‬‬                                                                  ‫الأصوات «رواية بوليفية» على‬
‫وكانت آراء أغلب الصديقات تدور‬                                                              ‫«حجاب الساحر»‪ ،‬لأن الكاتب قد‬
   ‫حول المنظور المجتمعي للأنثى‬                                                              ‫أقر فى بدايته أنه حر فيما يكتب‪.‬‬
‫على أنها لا قيمة لها بدون الرحم‪،‬‬
                                                                                                    ‫البناء‬

                                                                                           ‫في ‪ ٣٤٠‬صفحة سارت الأحداث‬
                                                                                                 ‫انطلا ًقا من بداية تأسيسية‬
                                                                                                 ‫لمنطق العمل الكتابي‪ ،‬اعتمد‬

                                                                                              ‫الكاتب على منهجين أساسيين‬
   267   268   269   270   271   272   273   274   275   276