Page 269 - merit 54
P. 269
القصة تسلط الضوء علي مزيج المنحرف المتمثل في استغلال
يتسم بانحراف نفسي واجتماعي.. الفرص والتلاعب المشين من
لأنه يحارب الطبيعة ببساطتها أجل مكاسب مالية كبيرة لا حق
له فيها من ناحية أخرى ..إن
وشفافيتها متمثلة في الطيور، الشخصية المش َّوهة هنا تعبر عن
ويواجهها بكل تعا ٍل وتسلط ..كما نماذج بشرية كثي ًرا ما نجدها
تكشف القصة عن محاربته للمجتمع في مجتمعنا ،وهي شخصيات
انتهازية تنفر من الآخرين فلا
بانحرافه الوظيفي ومكاسبه ترى إلا ذاتها ..ولا ترى حقيقتها،
المشبوهة ..لتربط القصة بهذا كما أنها لا تعترف الا بوجودها
-بأسلوب بسيط وعميق في آن -بين هي وحدها بمعزل عن العالم من
النقاء الإنساني الذي يتفاعل مع كل حولها ..حتى أنه هنا يناقض
ما يماثله ،وبين الطيور التي تع ُّد رمًزا المعتقد الشعبي في إشارة دالة
وواضحة لعدائه للمجتمع ككل،
داًّل علي الشفافية والرقة. وصراعه من خلال سلوكه الشاذ
مع الطبيعة والفطرة ،وصراعه
في كل مكان ،ومرة أخرى من القصة المتخيلة لشاب يعاني ما أي ًضا مع المجتمع حين يعبث
خلال الإعلان عن أصناف لا يمكن أن نسميه بوليميا أو نهم، بمقدراته ..قصة تطرح تساؤ ًل
تنتهي من وسائل التخسيس، يستعيض به عن حالة التجاهل
ليكشف بذلك اللعبة للجميع، والرفض والتنمر الذي واجهها في مل ًّحا وتعري أزمة المجتمع
لعبة استغلال المستهلك وإثارة مجتمعه ..وبين حقائق تاريخية حين يصبح أفراده هم أعداؤه
احتياجاته عبر بريق المشاهدة. الحقيقيون .وهو ما يمثل أي ًضا
وفي هذا تعرية ليس فقط لأسلوب عن الطعام وما به من طرائف تعالي الإنسان في عصرنا الحديث
الدعاية الرخيص ،ولكن لطبيعة للمشاهير محفوظة في ذاكرة على الطبيعة والفطرة لصالح عالم
السوق المفتوح الذي صنعته التاريخ ،ليكتسب السرد بع ًدا معقد غير متصالح مع نفسه،
العولمة ،والذي يدعم بكل السبل أكثر اتسا ًعا زمانيًّا ومكانيًّا ،إذ يتبرأ من جذوره وهويته وفطرته.
دون قيد أو شرط كل وسيلة، جعلنا نشعر بمعاناة هذا الشاب أما قصة «الذواق» من المجموعة
وصو ًل إلى مكاسب لا حصر لها، أكثر فأكثر ،ونغوص في أعماق القصصية «الببلوماني الأخير»
دون مراعاة للمواطن الخاضع السرد دون ملل ،ليلقي الضوء
لسلطة الضعف الإنساني إزاء من خلال ذلك الاستدراج المتعمد الصادرة هذا العام عن دار
على قضية أخرى تتفجر يو ًما بعد الربي ،والتي يفتتح بها الأديب
شهوة الشراء ،وهي شهوة يوم وهي الزيف الإعلامي لبعض الجزء الأول من المجموعة التي
تتلاقي مع شهوة الطعام أو القنوات الفضائية ،والتنافس على
شهوة خسارة الوزن اللذين كانا جذب المشاهد مرة كي يأكل بنهم يشير عنوانها لذلك الهوس
بالنسبة للشخصية الرئيسية أداة من خلال الإعلان عن الطعام الشديد لاقتناء الكتب ،وهو ما
يعكسه الكاتب على كل شيء،
تكشف القصة فكرة الشره في
أبشع صورها ،إضافة للكثير
من المعاني الصادمة السلبية في
مجتمعنا ..ففي هذه القصة نجد
سر ًدا ما بعد حداثي يتمثل في
التكنيك الذي جمع بحرفية ما بين