Page 264 - merit 54
P. 264

‫العـدد ‪54‬‬                         ‫‪262‬‬

                                      ‫يونيو ‪٢٠٢3‬‬

                   ‫الله» ص‪.54‬‬             ‫على شعارات ذات صوت عال‬               ‫هنا أن نشير إلى السياقات‬
      ‫لا تخلو قصائد الديوان من‬             ‫دون أن يكون لها مردود في‬         ‫التي يجري تداولها في معجم‬
 ‫نفحة حب رومانسية تشعرك أن‬            ‫الواقع‪ ،‬يكون استدعاء شخصيات‬       ‫الشاعر وتحكمها الانزياحات غير‬
 ‫الإنشاد للقلوب النقية أمر ممكن‪،‬‬            ‫تراثية لها جذر صوفي مثل‬
‫في قصيدة «مرمر» شيء من هذا‪،‬‬              ‫الحلاج أمر ضروري للانفلات‬                             ‫المتوقعة‪.‬‬
    ‫قد تشعر بغموض ما يسيطر‬                 ‫من القبضة الحاكمة‪ ،‬وهو ما‬      ‫في قصيدة «شتا وكرباج» بحث‬
   ‫على فضاء النص‪ ،‬هذا صحيح‪،‬‬             ‫يفضي إلى تخطي العلاقات التي‬       ‫عن المعنى‪ ،‬وتوجه للبوح دونما‬
   ‫في المقابل هناك رسائل مهمتها‬       ‫ينسجها الشاعر على مهل دون أن‬
‫محو الأكاذيب والاقتراب ما أمكن‬           ‫يكون متحق ًقا من قوة تأثيرها‪.‬‬       ‫خجل مع رنة فرح‪« :‬يا وش‬
     ‫من جوهر العناصر الحية في‬         ‫في قصيدة «في العيد ميلاد» مظهر‬        ‫السعد‪ /‬يا عارفة إزاي هنبقى‬
 ‫نطاق الكون‪ .‬وإذا كانت الظواهر‬        ‫آخر من مظاهر الإحساس بالعجز‬        ‫لبعض‪ /‬لو العالم سرق صوتك‪/‬‬
     ‫البلاغية القديمة تزاح جزئيًّا؛‬       ‫في واقع مشتبك مع العلاقات‬     ‫أو العالم سرق صوتي اللي متقطع‬
  ‫فهناك بالمقابل قدر من التناسب‬          ‫المنكسرة حيث تتكتم الحقائق‪،‬‬    ‫على المشاوير‪ /‬عشان أوصل لآخر‬
   ‫المنطقي بين نحت الصورة وما‬              ‫ويتكثف الشعور بالاغتراب‪،‬‬       ‫حتة في الكوكب‪ /‬وأقول وحدي‬
      ‫تطرحه من إيقاع خفي‪ .‬هنا‬            ‫وازدياد مساحة عمل المنافقين‬    ‫فاحس برحمتك واضحك‪ /‬واقول‬
‫تحضر «الحبيبة»‪ ،‬ويصبح السير‬               ‫لكل سلطة‪« :‬صدق المشاعر ع‬      ‫فع ًل ما بتسيبنيش‪ /‬يعيش كاظم‪،‬‬
    ‫في الطرقات هرو ًبا من فجاجة‬         ‫الورق أكبر دليل ع العجز‪ /‬الآه‬      ‫يعيش ويعيش‪ /‬تعيش الست‪/‬‬
 ‫الواقع وانحداره المخيف‪« :‬مرمر‬             ‫بتطلع من عليل توجع لأبعد‬         ‫تعيش ليلة بكل العمر‪ /‬يموت‬
  ‫حبيبتي نور عنيا‪ /‬كل الحاجات‬              ‫ما يكون‪ /‬الويل بيسكن جوا‬      ‫الكدابين في النار‪ /‬ويغرق أشطر‬
    ‫ما بقتش هي‪ /‬أصحاب زمان‬               ‫قلب المكتومين غصبًا‪ /‬الكوكب‬
   ‫مبقوش هنا‪ /‬اليوم أخد وضع‬                 ‫الأرضي كفيف‪ /‬أخرس ما‬                        ‫الشطار» ص‪.46‬‬
‫الإعادة‪ /‬وماعادش ليكي الفضل‪/‬‬           ‫بيطبطبش‪ /‬مسح النفاق لعيونك‬         ‫إن الأبنية النصية التي اعتمدها‬
  ‫جوابات زمان مبقتش بتخفف‪/‬‬              ‫الوالعة ما بيصبرش‪ /‬أنا شفت‬
      ‫مبقتش بمشي عشان بحب‬                 ‫فيها الحلم‪ /‬أقسم يارب بإني‬         ‫الشاعر تظهر في تلك المناطق‬
  ‫المشي‪ /‬بمشي هروب‪ /‬بحضن‬                                                     ‫المفعمة بالصدق‪ ،‬القادرة على‬
    ‫بكل جوارحي في النوم الوفي»‬                    ‫شفت النور» ص‪.52‬‬            ‫التحرر من سطوة النصوص‬
                                          ‫يشعر الشاعر بمدى الفقد في‬          ‫التي ترسخ للعادي والمكرر‪،‬‬
                        ‫ص‪.58‬‬           ‫عالم مخادع‪ ،‬الظاهر فيه لا يبوح‬      ‫وتنفتح الأسئلة على آفاق غنية‬
   ‫يعترض طريق الشاعر كمائن‪،‬‬            ‫بكل شيء والباطن يسرب بعض‬              ‫بالتأويلات‪« :‬عنيد لكن جدع‬
 ‫وأشباح‪ ،‬وظلام مخيف‪ ،‬وتاريخ‬              ‫حالات الضياع والانكسار‪ ،‬ثم‬          ‫ج ًّدا‪ /‬شتا وكرباج‪ /‬وضهر‬
    ‫شقاء منحدر من تاريخ قديم‪،‬‬           ‫يؤطر النص روح منهزمة لكنها‬       ‫الوعد لما بينقسم فبيقرأ الحلاج‪/‬‬
                                          ‫ترغب في الانطلاق عبر الحلم‬      ‫وليه الأرض زي التاج؟‪ /‬وإمتى‬
     ‫مهمة القصيدة هنا النهوض‬              ‫من جديد‪« :‬أنا صاحب النفس‬
  ‫مجد ًدا‪ ،‬وإيجاد رؤية لهذا العالم‬        ‫الضعيفة المرغمة‪ /‬الجملة دي‬           ‫الوحش كان ممكن في يوم‬
   ‫المنقسم على ذاته‪ .‬ثمة مدلولات‬      ‫قالها بدون ما يحس‪ /‬صوته يكاد‬         ‫يحتاج؟‪ /‬أنا الشاعر‪ /‬وأنا اللي‬
   ‫جديدة تطرح نصوص يوسف‬                ‫يعدم من الدخان‪ /‬فينام يشوفها‬      ‫قعدت على أرضك وغنيت لك‪ :‬هنا‬
                                          ‫ف حلمه كل مكان‪ /‬من تحت‬          ‫المحراب‪ /‬تعبت‪ ..‬هربت للرحمة‬
     ‫عزب وهو يمضي في طريقه‬                ‫صنوان الشجر‪ /‬قاعد بينقش‬        ‫عشان ألمح شبه كداب‪ /‬وانا اللي‬
   ‫لتشكيل وجدان شعري جديد‪،‬‬             ‫اسمها قلب الحجر‪ /‬في المرة دي‬       ‫جريت لآخر دور‪ /‬عشان سبت‬
   ‫مستبع ًدا الحلول القديمة‪ ،‬ثائ ًرا‬     ‫كان أضعف الخلق ف أراضي‬            ‫القمر وحده‪ /‬فخفت اني ابقى‬

       ‫على الأوضاع المتوارثة من‬                                                    ‫يوم متساب» ص‪.47‬‬
 ‫أحقاب متحجرة‪ ،‬ضللت أكاذيبها‬                                             ‫خلال العلاقات التراتبية نكتشف‬

                                                                           ‫مدى الخديعة التي يتعرض لها‬
                                                                          ‫الجيل المعاصر‪ ،‬الذي فتح عينيه‬
   259   260   261   262   263   264   265   266   267   268   269