Page 260 - merit 54
P. 260

‫العـدد ‪54‬‬                          ‫‪258‬‬

                                      ‫يونيو ‪٢٠٢3‬‬

     ‫‪ -‬من خلال دراسته العميقة‬             ‫الغربية والأوروبية والشرقية‬      ‫وسبعين عا ًما أفناها فروغي في‬
    ‫للأدب الفارسي‪ ،‬وتبحره فيه‬                              ‫الإسلامية‪.‬‬    ‫خدمة إيران شعبًا وحكومة‪ ،‬توفي‬
  ‫منذ صباه خرج فروغي بنتيجة‬
  ‫أساسية هامة مفادها أن جذور‬               ‫إن عمله الأول والأهم هو في‬       ‫في ليلة ظلماء من شهر نوفمبر‬
‫إيران الثقافية والأدبية ترتكز على‬       ‫مجال تحقيق النصوص التراثية‬       ‫عام ‪ ١٩٤٢‬اثر نوبة قلبية‪ .‬وكانت‬
    ‫أربعة شخصيات معروفة هي‬              ‫والأدبية وتصحيحها والاهتمام‬       ‫إيران قد فقدت شخصية التنوير‬
‫«الفردوسي في شاهنامته‪ ،‬الخيام‬
   ‫في رباعياته‪ ،‬سعدي في كلياته‪،‬‬                ‫بها‪ ،‬وكان من جملة ذلك‬       ‫والحداثة الأولى‪ ،‬وفقدت فار ًسا‬
    ‫حافظ في غزلياته» وهي عامل‬             ‫الأعمال الفارسية الكلاسيكية‬     ‫ق َّل نظيره‪ ،‬تار ًكا خلفه إر ًثا فكر ًّيا‬
‫أساسي في غرس الهوية الإيرانية‬           ‫مثل الشاهنامه‪ ،‬وديوان سعدي‬
                                         ‫الشيرازي‪ ،‬وحافظ الشيرازي‪،‬‬          ‫وثقافيًّا وسياسيًّا ها ًّما وكبي ًرا‪.‬‬
                       ‫الحديثة‪.‬‬             ‫ورباعيات الخيام ومثنويات‬
     ‫‪ -‬يعتبر فروغي أن اللغة إلى‬                                               ‫آثاره ومنجزاته‬
‫جانب التاريخ من ركائز الحضارة‬                                 ‫نظامي‪.‬‬
‫ولا يمكن تقدم الأمم دونها‪ ،‬لذلك‬            ‫وفي جانب التأليف فقد كتب‬       ‫أسس محمد علي فروغي المتحف‬
  ‫دعى للاهتمام باللغة الفارسية‪،‬‬            ‫فروغي مذكراته تحت عنوان‬       ‫الوطني الإيراني‪ ،‬والمكتبة الوطنية‬
     ‫التي يرى أنها لغة مهجورة‪،‬‬          ‫«المذكرات اليومية» والذي سرد‬     ‫في طهران‪ ،‬وانصب اهتمامه كبي ًرا‬
    ‫وأعتبر أن التداخل الكبير بين‬         ‫به رحلته لأوروبا‪ ،‬وألف كتابه‬
 ‫اللغة العربية والفارسية قد ش َّكل‬    ‫الاهم «مسيرة الفلسفة في أوروبا»‬      ‫على تأسيس أكاديمية اللغة‪ ،‬كما‬
  ‫خط ًرا كبي ًرا على اللغة الفارسية‪.‬‬     ‫حول الفكر الغربي‪ ،‬والذي نقل‬     ‫ساهم فروغي بالدعوة إلى التنقيب‬
   ‫‪ -‬من أشهر الكلمات التي قالها‬           ‫فيه جز ًءا من فلسفة ديكارت‪.‬‬
 ‫فروغي ‪« :‬ما أشعر به من أسف‬           ‫قام بترجمة كتاب «القانون» لابن‬          ‫والكشف عن الآثار والحفاظ‬
  ‫هو أنه سوف أموت ولن اعرف‬                ‫سينا إلى الفارسية‪ ،‬كما ترجم‬      ‫عليها‪ ،‬واهتم بالمعالم والصروح‬
   ‫إلى أين سيصل عمل الإنسان»‪.‬‬               ‫كتاب سقراط عن أفلاطون‪،‬‬           ‫الإيرانية القديمة‪ ،‬وبناء المقابر‬
‫‪ -‬شارك فروغي في مؤتمر جنيف‬              ‫وألف كتب «الحقوق الأساسية»‬
 ‫للسلام‪ ،‬وقد خطب خطا ًبا شهي ًرا‬          ‫و»نهج الخطابة» و»الاقتصاد‬            ‫والمقامات للعلماء وللشعراء‬
 ‫أمام الإنجليز جاء فيه‪« :‬أنا آسف‬      ‫السياسي» و»موجز تاريخ إيران»‬                       ‫الفرس القدامى‪.‬‬
  ‫للغاية ‪ ..‬إن الأمة الإيرانية ليس‬    ‫وجمعت مقالاته في كتاب «مقالات‬
‫لديها رأي‪ ..‬إن الإيرانيين يموتون‬       ‫فروغي»‪ ،‬اما كتاب «ثروة الأمم»‬         ‫من الجدير بالذكر أنه لم يكن‬
                                         ‫الذي ألفه فروغي فهو يعد أول‬         ‫طلاب المدارس والجامعات في‬
               ‫على أيدي الموتى»‪.‬‬       ‫كتاب في إيران يتحدث حول علم‬        ‫إيران يعرفون الكثير من المفاهيم‬
    ‫‪ -‬كان فروغي مؤمنًا أن تقدم‬                                             ‫والإصلاحات الحديثة‪ ،‬حتى أن‬
    ‫إيران لا يمكن أن يحدث دون‬                               ‫الاقتصاد‪.‬‬         ‫فروغي ساهم بتعريفهم على‬
 ‫معاونة الإنجليز‪ ،‬حتى قال يو ًما‪:‬‬                                             ‫عدد لا بأس به من مثل تلك‬
 ‫«إن إيران ثابتة مثل الكم الذي لا‬            ‫بعض آرائه‬                     ‫المفاهيم‪ ،‬وبفضله دخلت كلمات‬
‫يمكن تحريكه إلا إذا كانت بداخله‬                                          ‫مثل «ديمقراطية‪ ،‬برلمان‪ ،‬علمانية‪،‬‬
                                       ‫‪ -‬كان فروغي مؤمنا بالعلمانية‪،‬‬      ‫دستور‪ ،‬حقوق‪ ،‬حق الملكية‪ ،‬حق‬
         ‫يد الحكومة البريطانية»‪.‬‬           ‫والدولة المدنية‪ ،‬وكان متأثرا‬       ‫الحرية» لأول مرة في المجال‬
     ‫‪ -‬كتب فروغي مقا ًل في حب‬              ‫بالفيلسوف الأمريكي والأب‬         ‫الدراسي‪ .‬كان فروغي أول من‬
                                              ‫المؤسس لأمريكا توماس‬            ‫أدخل التاريخ كمادة دراسية‬
        ‫الوطن جاء فيه‪« :‬الإنسان‬
‫بالدرجة الأولى رهينة والديه‪ ،‬وفي‬        ‫جيفرسون الذي أرسى مباديء‬               ‫للطلاب وألف بنفسه كتاب‬
                                         ‫الجمهورية‪ ،‬ومبدأ الحقوق غير‬            ‫التاريخ للصفوف الأولية‪.‬‬
    ‫الدرجة الثانية ضحية لوطنه»‬                                              ‫كان محمد علي فروغي متمكنًا‬
                                                     ‫القابلة للتصرف‪.‬‬          ‫من اللغة العربية والفرنسية‬
                                                                            ‫والإنجليزية والروسية‪ ،‬وكانت‬
                                                                          ‫اهتماماته متباينة بين الاتجاهات‬
   255   256   257   258   259   260   261   262   263   264   265