Page 255 - merit 54
P. 255

‫‪253‬‬         ‫ثقافات وفنون‬

            ‫رأي‬

‫نبوية موسى‬  ‫م ّي زيادة‬                               ‫أمريتا بريتام‬     ‫بوصفه هو جمال المظهر الجسدي‬
                                                                       ‫المزوق بالمساحيق والألوان‪ ،‬وليس‬
    ‫قوة‪ .‬غير أن كثي ًرا من النساء‬     ‫‪ 1971‬للكاتبة الهندية المعروفة‬
 ‫العربيات كن يخالفنها الرأي ولا‬      ‫أمريتا بريتام وفيها البطلة أنيتا‬        ‫جمال العقل وذكاءه وصحة‬
                                    ‫تتحدث في شكل تناوب قصصي‬                            ‫الجسم والنفس‪.‬‬
   ‫يؤيدن توجهاتها‪ ،‬وتصف ذلك‬           ‫عن صورتين لها‪ :‬صورة تبدو‬
  ‫بالقول‪« :‬انقضت ستة وثلاثون‬                                                 ‫وتتساءل من هي هذه المرأة‬
   ‫عا ًما حتى سقط قانون الزواج‬         ‫فيها امرأة لا يستطيع أحد أن‬     ‫الحقيقية؛ أو كم عدد هؤلاء النساء‬
  ‫القديم‪ ،‬كنت أتمرد عليه وحدي‪،‬‬        ‫يراها‪ ،‬هاربة بشعرها المنفوش‬
                                     ‫الذي يتطاير عند ركضها بدفقة‬           ‫الحقيقيات في مجتمعنا العربي‬
      ‫كنت أعرف أنه بقايا العصر‬        ‫جزع حارق تجري في دمائها‪،‬‬              ‫اللائي يواجهن الناس بوجوه‬
    ‫العبودي‪ ،‬لكن أغلب النساء لم‬    ‫والصورة الأخرى تبدو فيها أنيتا‬      ‫نظيفة مغسولة بغير مساحيق؟ أو‬
‫يك َّن معي حتى صديقاتي الثلاث‪:‬‬       ‫امرأة جالسة إلى جانب زوجها‪،‬‬          ‫من هي المرأة العربية التي تهتم‬
  ‫بطة وصفية وسامية‪ ،‬لم يملكن‬          ‫تقليدية ليس لها أن تتحدى أو‬          ‫بتنمية عقلها وذكائها أكثر من‬
    ‫شجاعة الطلاق أو الاعتراض‬           ‫تقاوم أو ترفض‪ .‬وقد اعتادت‬       ‫اهتمامها بتنمية شعرها ورموشها‬
   ‫على القانون»‪( .‬أوراقي حياتي‪،‬‬      ‫المرأة الأولى أن تصطدم بالثانية‬    ‫وأظافرها؟ (الوجه العاري للمرأة‬
                                   ‫لتنهمكا في شجار طويل وجدال لا‬
                   ‫ص‪)72 -71‬‬                                                           ‫العربية‪ ،‬ص‪)197‬‬
    ‫ولا شك في أن الفعل النسوي‬                              ‫ينتهي‪.‬‬            ‫ولا عجب إذا قلنا إن الميدان‬
                                     ‫وقد عكست نوال السعداوي في‬             ‫الواقعي كمظاهرات ومسيرات‬
        ‫العربي يظل دون الطموح‬         ‫انحيازها لرفيقتها أو التصادم‬        ‫وانخراط في العمل السياسي لم‬
‫لمحدودية هذا الفعل وخصوصيته‪،‬‬       ‫معها‪ ،‬نظرتها الواقعية للمرأة التي‬      ‫يكن ليميز نوال السعداوي؛ كما‬
                                    ‫هي أنثى حقيقية متحررة العقل‪،‬‬        ‫ميزها الميدانان الفكري والإبداعي‬
   ‫ومن ثم تظل المشاريع النسوية‬        ‫وإنسانة ترى نفسها في منزلة‬       ‫اللذان كانا مهمين في ما كسبته من‬
 ‫الثورية متلكئة في تحقيق تطلعات‬       ‫مختلفة ولها في هذا الاختلاف‬        ‫تأييد الرأي العام‪ ،‬ولاسيما حين‬
 ‫المرأة على مختلف الصعد الوطنية‬                                         ‫أهدرت بعض الجماعات المتشددة‬
‫والسياسية والاجتماعية والثقافية‬                                            ‫دمها مع اشتداد نزعة التطرف‬
                                                                       ‫والتكفير في المجتمع المصري مطلع‬
                      ‫والمعيشية‬
                                                                                ‫القرن الواحد والعشرين‪.‬‬
                                                                           ‫وإذا كانت نوال السعداوي قد‬
                                                                          ‫تعاملت مع المرأة العربية عمو ًما‬
                                                                       ‫والمرأة المصرية تحدي ًدا؛ فإن هناك‬
                                                                       ‫امرأة غير معروفة كثي ًرا ما تحدثت‬
                                                                          ‫عنها في كتبها بوصفها الرفيقة‬
                                                                       ‫التي كانت تلازمها في كل كتاباتها‪،‬‬
                                                                       ‫فتبدو لها تارة طيعة وسهلة وتارة‬
                                                                       ‫أخرى تظهر عصية ومتناقضة‪ ،‬في‬
                                                                         ‫إشارة إلى أن هناك تلاقيًا حتميًّا‬
                                                                           ‫بين عالم المرأة الداخلي وعالمها‬
                                                                             ‫الخارجي‪ ،‬فكيفما يكون أحد‬

                                                                               ‫العالمين يكون الآخر مثله‪.‬‬
                                                                            ‫وهذا يذكرنا برواية (وجهان‬
                                                                        ‫لحواء) المنشورة بالانجليزية عام‬
   250   251   252   253   254   255   256   257   258   259   260