Page 257 - merit 54
P. 257

‫‪255‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫شخصيات‬

                                                                              ‫الدخول الأمريكي إلى إيران‪.‬‬
                                                                           ‫يعد كثير من الكتاب والباحثين‬
                                                                          ‫الإيرانيين فروغي بأنه واحد من‬
                                                                         ‫الآباء المؤسسين لإيران‪ ،‬ويوصف‬

                                                                              ‫دوره غالبًا بما قام به الآباء‬
                                                                         ‫المؤسسين في أمريكا وفرنسا‪ ،‬لقد‬
                                                                          ‫ساهم فروغي في ترسيخ الهوية‬

                                                                             ‫الإيرانية الحديثة أكثر من أي‬
                                                                          ‫شخص آخر‪ ،‬والإغفال عن دوره‬
                                                                           ‫الهام في إيران يعني طمر الكثير‬

                                                                                   ‫من الحقائق التاريخية‪.‬‬

                                                                         ‫البدايات‬

             ‫محمد رضا بهلوي‬                     ‫رضا شاه‬                        ‫إنه رجل السياسية والأدب‬
                                                                            ‫والحداثة الأول في إيران‪ ،‬وهو‬
‫التنوير الأكبر في إيران‪ .‬ولكن ظل‬          ‫والتاريخ‪ ،‬وقد عينته الحكومة‬      ‫السياسي والأكاديمي والمترجم‬
 ‫ذلك السؤال يؤرق فروغي طيلة‬            ‫مدر ًسا في كلية العلوم السياسية‬        ‫والمحقق العلامة الملقب بذكاء‬
    ‫حياته وهو‪ :‬من هو الإيراني؟‬        ‫عند تأسيسها‪ .‬تعلم فروغي الأدب‬         ‫الملك أبو الحسن‪ ،‬واسمه محمد‬
  ‫وماذا يجب أن يكون؟ فهل يظل‬                                                  ‫علي فروغي‪ ،‬وهو من مواليد‬
   ‫صام ًدا أمام تلك الرياح العاتية‬        ‫واللغة والقرآن على يد والده‪،‬‬        ‫طهران عام ‪ ،١٨٧٧‬حيث ولد‬
  ‫أم يصدم بها ويرسم له طري ًقا‬        ‫والذي شغله محر ًرا في صحيفته‪.‬‬
  ‫صحي ًحا‪ ،‬ولكن لن يظل فروغي‬                                                  ‫في عائلة ارستقراطية مهتمة‬
                                           ‫عاش فروغي في ذلك العصر‬           ‫بالأدب والثقافة‪ ،‬تعود أصولها‬
‫كا ًّفا يديه‪ ،‬لا بد أن تكون له يد في‬   ‫الذي كانت فيه الماركسية لم تزل‬       ‫إلى أصفهان‪ ،‬وكان أجداده من‬
                 ‫سير الأحداث‪.‬‬
                                         ‫طفلة مدللة‪ ،‬حيث كان الخطاب‬            ‫كبار تجار أصفهان‪ ،‬وتقول‬
 ‫فكان محمد علي فروغي قد فتح‬                ‫الماركسي يجتاح دول العالم‬      ‫بعض الشائعات إن أسلاف عائلة‬
   ‫ذراعيه لرياح الأفكار الغربية‪،‬‬          ‫ويلتهم أبناءها الشباب‪ ،‬ليجد‬     ‫فروغي كانوا يهو ًدا عراقيين من‬
        ‫وبسبب انشغاله بالعلوم‬                                              ‫يهود بغداد‪ ،‬نزحوا إلى أصفهان‬
                                        ‫الشاب نفسه منخر ًطا في صراع‬      ‫واسلموا هناك‪ .‬ووالده كان رج ًل‬
  ‫السياسية ظل قريبًا ومقر ًبا من‬        ‫مع الأفكار الغربية الكلاسيكية‪،‬‬     ‫مثق ًفا معرو ًفا عند الدولة‪ ،‬وكان‬
   ‫الأنجليز‪ .‬مما جعلهم يثقون به‬
‫ثقة عمياء حتى ساعدهم بوصول‬                    ‫وفروغي كان ذلك الشاب‬            ‫مترج ًما وصحفيًّا أصدر أول‬
    ‫رضا شاه الأب ومحمد رضا‬               ‫الذي عاش طفولته وصباه بين‬         ‫صحيفة غير حكومية في إيران‪،‬‬
‫الابن إلى السلطة في عرش إيران‪،‬‬         ‫أحضان كليات سعدي الشيرازي‬            ‫وكان الاعتقاد السائد في عائلة‬
                                                                         ‫فروغي أن إصلاح المجتمع ودفعه‬
      ‫بل ويمكن القول إن كل من‬              ‫ورباعيات الخيام وشاهنامة‬        ‫في ركب التطور والحداثة لا يتم‬
 ‫بريطانيا وأمريكا لم تتعرف على‬         ‫الفردوسي‪ ،‬لم يجد ما يمنعه من‬       ‫إلا من خلال السياسة‪ ،‬فكان ذلك‬
‫إيران ولم تقترب من كنوزها لولا‬                                           ‫سببًا في اندفاعه في عالم السياسة‪.‬‬
                                          ‫أن ينخرط في المنهج الليبرالي‪،‬‬     ‫درس فروغي الطب والصيدلة‬
                       ‫فروغي‪.‬‬              ‫ويتأثر بالمفكرين التنويريين‬
                                       ‫الغربيين‪ ،‬حتى يحشر نفسه بين‬            ‫ثم انتقل إلى دراسة الفلسفة‬
                                        ‫منهجهم وأفكارهم‪ ،‬ليكون رجل‬
   252   253   254   255   256   257   258   259   260   261   262