Page 252 - merit 54
P. 252

‫العـدد ‪54‬‬                                   ‫‪250‬‬

                                                                     ‫يونيو ‪٢٠٢3‬‬  ‫د‪.‬نادية هناوي‬

‫نوال السعداوي‬                                                                    ‫(العراق)‬
   ‫وموقع المرأة‬
      ‫من المرأة‬

                                    ‫أراد بتحرر المرأة نصرة المجتمع‬            ‫الإلمام بالاتجاهات‬           ‫يصعب‬
                                    ‫وإصلاحه‪ ،‬ومحمد حسين هيكل‬            ‫والأطر التي اتبعتها نوال‬
   ‫بعض الشيء‪ ،‬لا لعرض أفكار‬
‫مي التحررية وكفاحها الاجتماعي‬               ‫صاحب رواية (زينب)‪.‬‬            ‫السعداوي وهي تدافع‬
                                     ‫والمعيار الذي اتبعته السعداوي‬      ‫عن المرأة العربية‪ ،‬ولكنها‬
  ‫من أجل ترسيخ قيم مدنية فيها‬      ‫في تقديم هؤلاء المصلحين الرجال‬
    ‫للنسوية موقع ومكانة؛ وإنما‬      ‫على أولئك النسوة المتنورات‪ ،‬هو‬        ‫بالمجموع لم تتوا َن من‬
                                     ‫التأثير الفعلي لآرائهم في بواكير‬   ‫تكرار القول إن المرأة لن‬
‫لتقدم صورة للمرأة الذكية مركزة‬      ‫النسوية العربية التي كان دورها‬
     ‫على حياتها الشخصية لبيان‬      ‫‪-‬بحسب السعداوي‪ -‬دور المكمل‬              ‫يتاح لها أن تكون قوة سياسية‬
    ‫المصير المأساوي الذي انتهت‬                                           ‫منظمة وواعية بحقوقها وأهدافها‬
                                         ‫لدورهم‪ ،‬وفي مقدمة هؤلاء‬
‫إليه‪ ،‬واجدة أنها في هذا المصير لا‬       ‫المصلحين رفاعة الطهطاوي‬             ‫ولها قدرتها على الفعل واتخاذ‬
  ‫تختلف عن مصير أي رائدة من‬           ‫وقاسم أمين‪ ،‬وهي بهذا الرأي‬           ‫القرارات الكبرى؛ إلا إذا حررت‬
‫الرائدات اللائي اتهمن في العصور‬         ‫تجعل النهضة النسوية التي‬
                                   ‫انطلقت مع منتصف القرن التاسع‬              ‫نفسها وكانت في جانب بنات‬
      ‫الوسطى بالجنون والفسق‬          ‫عشر وكأنها لم تحقق تبكي ًرا في‬     ‫جنسها‪ ،‬فالنساء لا يحررهن سوى‬
                      ‫والسحر‪.‬‬         ‫تبني قضايا المرأة ولا جرأة في‬      ‫النساء أنفسهن‪ .‬والأنثى الحقيقية‬
                                    ‫المناداة بحقوقها‪ ،‬ولم تقدم شيئًا‬    ‫هي المتحررة العقل‪ ،‬والمرأة إنسانة‬
   ‫ومن الغريب أنها لم تعط هدى‬           ‫ذا قيمة يترك أث ًرا في معركة‬    ‫كالرجل تما ًما ولها أهليتها الفكرية‬

                                                         ‫تحريرها‪.‬‬             ‫بأشكال عدة‪ ،‬وأهمها التفكر‬
                                       ‫وبسبب ذلك مرت السعداوي‬               ‫العقلي بحرية وصدق‪ .‬وهذا ما‬
                                   ‫مرو ًرا عاب ًرا على عائشة التيمورية‬       ‫حاولت السعداوي فعله وهي‬
                                   ‫وزينب فواز وملك حفني ناصف‪،‬‬              ‫تؤلف وتنشر وتحاضر وتناظر‬
                                        ‫فلم تقف مليًّا عند منجزاتهن‬
                                   ‫الأدبية والتأليفية المناصرة لقضية‬         ‫وترفض وتؤيد‪ .‬واسترجعت‬
                                   ‫المرأة‪ ..‬لكن وقوفها عند مي زيادة‬       ‫بواكير النهضة النسوية العربية‬
                                      ‫والذي جاء تحت عنوان (المرأة‬
                                   ‫العربية الثائرة) كان وقو ًفا مطو ًل‬       ‫بادئة بالرجال الذين دعوا إلى‬
                                                                         ‫تحرير المرأة من الجهل والحجاب‬

                                                                             ‫فذكرت أحمد فارس الشدياق‬
                                                                         ‫ورافع الطهطاوي وعبد الله النديم‬

                                                                           ‫ومحمد عبده وقاسم أمين الذي‬
                                                                          ‫وقفت عنده وقفة مقتضبة ورأته‬
   247   248   249   250   251   252   253   254   255   256   257