Page 55 - merit 54
P. 55

‫‪53‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

        ‫رؤى نقدية‬

                                                         ‫إستبرق أحمد‬

                                                                ‫(الكويت)‬

    ‫أفاعيل اللغة‪ ..‬في مجموعة‬

        ‫«الليلة الأولى من دونك»‬

                       ‫لأريج جمال‬

    ‫يخ ِّيم على القصص آلام شخصيات تأتي بلا أسماء‪ ،‬بالتالي يمكن تواجدها‬

    ‫في أي مكان وزمان‪ ،‬تمر ضمن علاقات مرفوضة تما ًما وصلات منقطعة‬

    ‫وأحلام مبتورة‪ ،‬ومجتمعات صنم َّية لا تقرأ الاختلاف‪ ،‬بالتالي يدهشها‬

    ‫القاريء النهم‪ ،‬ويصبح مدعاة استغراب‪ ،‬فالمغايرة نتوء لا بد من اجتثاثه‪،‬‬

    ‫هكذا نرى أن الشخصيات غال ًبا مسلوبة اللغة‪ ،‬أو منقطعة القدرة على‬

‫إس‬      ‫التواصل‪ ،‬أو تجعلك تبحث عن لغة أخرى كوسيط وترجمان لصمتها‬
                                                                   ‫وآلامها‪.‬‬

    ‫ضرورة تسويقية هائلة‪ .‬نجح الصواف هنا في جعل‬                    ‫في العتبات المتوالية‬                   ‫القصة‬
     ‫اللوحة شاسعة الدلالات‪ ،‬مريحة بألوانها ومش ِّوقة‬
                                                             ‫فن له التقاطاته الجوهرية‪ ،‬قائم على‬
          ‫بمكوناتها‪ ،‬فالمرأة التي تتوسط الغلاف تنطق‬          ‫التركيز المثمر في تناميه بالنص‪ ،‬لذا‬
    ‫باحتمالية عالية إلى أن البطولة للمرأة‪ ،‬جاذبة القارئ‬     ‫فإن القصة لها كتابها القليلون‪ ،‬ممن‬
                                                              ‫يعرفون كيف يوجهون مشارطهم‬
        ‫لمعرفة كنه القصص القادمة‪ ،‬مرتدية ردا ًء أزرق‬       ‫تجاه البلادة‪ .‬في مجموعة أريج جمال‬
      ‫له دلالته الأعمق للحزن والكآبة‪ ،‬يستكين طائر أو‬        ‫المعنونة بـ»الليلة الأولى من دونك»‬
      ‫يتأهب بلونه الأزرق للتحليق حيث رمزه الجلي في‬         ‫نرى ذلك بوضوح سافر‪ .‬في مجموعة‬
       ‫الحرية‪ .‬كما أن العنوان «الليلة الأولى من دونك»‪،‬‬   ‫أثرها‪ /‬ملحها صا ٍف على مواضيع صادمة‪ ،‬تكريس‬
       ‫تحيلنا كلمة «الليلة» إلى السكينة كما فكرة الليل‪،‬‬       ‫للكتابة الجادة غير المحايدة‪ .‬مجموعة تبدأ من‬
       ‫في يقظة الأوجاع أو في استدراك جدتنا شهرزاد‬         ‫غلافها الغني بالعلامات‪ ،‬عبر رؤية واعية للمصمم‬
     ‫الحكي‪ ،‬أما بقية العنوان فيؤكد الجار والمجرور في‬         ‫الفنان «عبد الرحمن الصواف»‪ ،‬الذي يدرك أن‬
    ‫«من دونك» إلى أغوار الفقد المروع‪ ،‬ذلك ما تدل عليه‬     ‫الغلاف هوية بصرية‪ ،‬تهدف للتواصل مع القارئ‬
      ‫تأويلاتنا من إمكانيات يضمره العنوان والغلاف‪،‬‬       ‫عما يكتنزه العمل من قصص‪ ،‬كما في الوقت نفسه‬
    ‫فماذا لو هبطنا إلى بئر النص؟ لاح ًقا سنجد العنوان‬
      ‫هو تناص من قصة «آلين» لأريج جمال‪ ،‬مع نص‬
   50   51   52   53   54   55   56   57   58   59   60