Page 50 - merit 54
P. 50
العـدد 54 48
يونيو ٢٠٢3
إنتاجه .وآثر مصمم الكتاب وضع تلك الصورة التأويل ،وينشطه فعل القراءة شار ًحا ومفس ًرا
لملكة القلوب ،وترجمة العيون ،لمن غناؤها يبسط شكل معناه»( .)66واسم المؤلف يؤدي وظيفة تعيينية
أسرة الوجه ،ويأخذ بمجامع القلب ،ويمتزج بأجزاء
وإشهارية ،تكمن في نسبة الكتاب إليه .وتظهر
النفس ،فحازت الصورة على الغلاف الأمامي الوظيفية الإشهارية على مرأى ومسمع إذا كان ذا
والخلفي ،فكأن مؤلف الكتاب يقول لها عن قصدي ٍة حضور واضح في الساحة الثقافية المحلية والدولية.
منه :قد طاب جناك ،وخلص نعيمك ،وصفا نسيمك فض ًل عن ذلك فالاسم يحدد نسبة النص إليه لا
فتبوأت في قلوب الجمهور منز ًل. سيما إن كان هناك نصوص كثيرة تحمل نفس
وينبغي أن نميز بين مؤلف إنتاجه قليل ،وبين آخر العنوان“ .فكأن النص إن لم يحمل اسم مؤلفه،
ينتظر الجمهور إنتاجه ،ويتطلعون إلى إصدرارته، سيكون مصدر خطورة ،ويصير أر ًضا غريبة،
تحار فيها الأقدام ،وتختلط الاتجاهات لغياب نقطة
والمؤلف (الدكتور /أحمد يوسف علي يوسف)، مرجعية مضمونة .وهكذا ،يدرك الخطاب انطلا ًقا
له مؤلفات كثيرة( ،)69وقد تولى مناصب عدة(،)70
وحظى بجوائز عديدة .وهذا يدل على حضوره من الاسم الذي يوقعه(.)67
المكثف في الساحة الثقافية وعبر الوسائل السمعية واسم المؤلف يدعم العنوان الذى تكون كل
والبصرية مما يجعله محور اهتمام وأفق انتظار موضوعات النصوص مسندات إليه ،فيكون
الجمهور .وبذلك يتحول الاسم إلى إطار معرفي يميز (الاسم /الكل) ،وتكون (كتاباته) هى جزئياته
النص ،ويسهم في كينونته جماليًّا وتداوليًّا؛ لكونه المنتمية إليه ،واسمه هو الإطار الذى يغلفها ،لا
من العتبات الخطابية التي تتراءى لمستقبل الخطاب. سيما أن هناك عناوين قد تتقاطع تنا ًّصا مع عنوان
الكتاب( .)68وحين يرتقي اسم المؤلف إلى النص فإنه
ويخلص البحث إلى نتائج؛ منها: يهبه تعددية القراءة ،ويكون ن ًّصا مفتو ًحا ذا قراءة
-إن عمل الناقد يوازي عمل الشاعر والفنان، استطاطيقية تدعو إلى المحاورة والمناجزة .وهو ما
ومؤلف الكتاب الدكتور “أحمد يوسف علي” قد حدث في الكتاب محل الدراسة ،فقد استحضر فيه
عمد إلى بناء ن ٍّص موا ٍز بد ًءا من اختيار الغلاف الكاتب نفسه منذ البدء من خلال تقديمه للكتاب
المقدماتي والخلفي ،بما يشتمل عليه من (ألوان، على الغلاف الخلفي قائ ًل« :هذا الكتاب تنقي ٌب عن
ومؤشر تجنيسي ،وعنوان ،وإشهار /اسم المؤلف، مناطق غير مألوفة في عقل أم كلثوم الناقد والمبتكر،
ودار النشر ،وصورة أم كلثوم ،والكلمة التي دلل وفي النص الشعري الذي غنته على امتداد عمرها
على محتواها باستعارة كلام طه حسين) ،فجعل في الغناء ،وهو كشف عن قدرتها على الانتقاء
هذه العتبات بوابة رئيسة فى فهم النص وتفسيره؛ والاختيار والتأليف ،وعن طبيعة النصوص التي
إذ العلاقة بينهما جدلية؛ فالنص يحمل الإحالة قدمتها بوعي ورؤية واقتدار» .وقد ترجم ذلك
الإشارية /المرجعية التي تحيل إليها ،وهي ذاتها المؤلف في توزيع مباحث الكتاب الخمسة متضمنًا
إضاءة قادرة على إنتاج المعنى ،وتشكيل دلالاته من تلك المقدمة مفص ًحا عنها في عنونة مباحثه( :الشعر
والغناء ،غناء القصائد ،شوقيات أم كلثوم بين
خلال عملية التفاعل النصي. التلقي وتاريخ الأدب ،أم كلثوم تؤلف الأطلال،
-تع ُّد العتبات خطا ًبا رئي ًسا ذا وظيفة تعيينية/
تسموية تنبع من مواقعها الاستراتيجية المحددة، الخطاب الشعري والإيديولوجيا).
تحمل في طياتها خطا ًبا إنجاز ًّيا موج ًها إلى الجمهور. وقد ركز مصمم غلاف (الكتاب /أم كلثوم الشعر
تتعدد وظائفها؛ بين وصفية تحمل موج ًزا للنص والغناء) على لفت انتباه الجمهور أو ًل إلى العنوان،
المنتظر ،ودلالية تفسر بنائية اللغة ،وإغرائية تحمل وفي الوقت نفسه جعل اسم المؤلف أسفل العنوان
الجمهور على الانتباه ،وتداولية؛ إذ هى مرسلة من مباشرة بخط أقل سم ًكا ،ولم يلحق اسمه بصورة
مؤلف إلى جمهور بوصفها ن ًّصا مصاحبًا تكشف فوتوغرافية ،فكأن المتلقي على علم به ،وهو معروف
عن تخوم المتن الرئيس ،وتثرى دلالاته. لديه ،يستحضر صورته عبر اسمه ومن خلال
-إ َّن كل قصيدة تتعمد اختيارها أم كلثوم تمارس