Page 47 - merit 54
P. 47

‫‪45‬‬             ‫إبداع ومبدعون‬

               ‫رؤى نقدية‬

                                                                     ‫َأ َّيا ُم ا َل ْه َوى َذ َه َب ْت‬  ‫َآَيكاَاه ُلاأ ْمح ْل ِكمل َآث ًوهام‬
                                                                          ‫ِ َل َّيا ِم ا َل ْه َوى‬

                                                                     ‫وهذا ليس بغريب عنها‪،‬‬

                                                                     ‫فقد كان لها الذوق‬

                                                                     ‫الأصيل الخاص بها‬

                                                                     ‫بما يتناسب مع البيئة‬

                                                                     ‫المعيشة من جهة‪ ،‬وحسها‬

                                                                     ‫النقدي من جهة أخرى‪.‬‬

                                                                     ‫وهذا الاستبدال دليل‬

                                                                     ‫على تحويل اسمها إلى‬

                                                                     ‫كل أيقونة إيديولوجية‬

                                                                     ‫توجه النص إلى كل امرأة‪،‬‬

                                                                        ‫ولم يكن ليحدث لو ت َّم‬
                                                                     ‫التصريح بذكر»أم كلثوم»‬

‫مأمون الشناوي‬  ‫كامل الشناوي‬                              ‫عمر الخيام‬   ‫صراحة‪ .‬وهو ما يؤكده‬
                                                                     ‫كتاب «شعراء أم كلثوم»‪،‬‬

 ‫وجمالية العدول عن الأصل‪ ،‬فجاء النص‪ /‬الأغنية‬             ‫أنها حين أقدمت على غناء الرباعيات اختارت‬
  ‫‪-‬خلا ًفا لمقتضى حال النص الأصل‪ /‬الأم‪ -‬ن ًّصا‬
                                                         ‫أبيا ًتا بعينها بلغت ثلاثين بيتًا من أصل ثلاثمائة‬
    ‫شعر ًّيا جدي ًدا له بناؤه الخاص‪ .‬وهو ما يؤكده‬        ‫واثنين وأربعين بيتًا دون مراعاة للترتيب الذي‬
  ‫“عبد الوهاب”‪“ :‬أم كلثوم بفنها الجاد‪ ،‬وبكلمتها‬          ‫ارتضاه «عمر الخيام» أو المترجم «أحمد رامي»‪.‬‬
  ‫الرفيعة في أغانيها تلقن المجتمع در ًسا في احترام‬
                                                         ‫ورغم التزام أم كلثوم بترتيب البيت الأول والثاني‬
       ‫المطربة”(‪ .)45‬ويقول “العقاد”‪“ :‬إنها المطربة‬
  ‫الموهوبة التي أثبتت أن الغناء فن رؤوس وقلوب‪،‬‬           ‫فقد غيرت في بعض كلماتهما(‪ .)42‬فاختارت كلمة‬
                                                         ‫“الغيب” في الشطر الثاني من البيت الأول بد ًل من‬
    ‫وليس فن حناجر وأفواه فحسب‪ .‬فهي تفهم ما‬
    ‫تغنيه‪ .‬تشعر بما تغنيه‪ ،‬تعطيه نصيبًا وافيًا إلى‬       ‫كلمة «الحان»‪ ،‬كما اختارت كلمة «كأس المنى» في‬
    ‫جانب نصيب المؤلف ونصيب الملحن”(‪ .)46‬ومن‬              ‫البيت الثاني بد ًل من «كأس الطلا»‪ ،‬وكلمة «تملأ»‬
  ‫ذكائها أنها تعرف إمكاناتها‪ ،‬فلا تقحم نفسها في‬          ‫بد ًل من «تفعم»‪ .‬والبيتان كما هما في الرباعيات(‪:)43‬‬
 ‫ميدان التلحين‪ ،‬وإن كانت تضيف إلى اللحن ألوا ًنا‪،‬‬
   ‫وتسمع منها الأغنية من أغانيها مرات متواليات‬                       ‫سمع ُت صو ًتا هات ًفا في السحر‬
   ‫فتتفتح لك في كل مرة عن جمال جديد‪ ..‬وتدرك‬                          ‫نادى من (الحان)‪ :‬غفاة البشر‬
    ‫في المرة التالية من ألوان أدائها ما فاتك في المرة‬
‫السابقة؛ لهذا لا يمل سامعوها من التكرار‪ ،‬بل تزيد‬                     ‫هبوا املأوا كأس (الطلا) قبل‬
 ‫من حفاوتهم بالأغنية كلما قدم العهد عليها؛ لكمال‬                     ‫أن (تفعم) كأ َس العمر ك ُّف ا َل َقدر‬
    ‫تذوقهم لها‪ ،‬وتمام فهمهم إياها‪ ،‬ويستعيدونها‬           ‫وتبدأ مراسم الاختلاف في الترتيب من البيتين‬

      ‫فتعيد‪ ،‬أو تدعهم‪َ ،‬ف ُيلِ ُّحون في طلب المزيد(‪.)47‬‬  ‫الثالث والرابع؛ حيث جاء موقعهما في القصيدة‬
    ‫وقد تكلم «أحمد شفيق كامل» عن تعديلات «أم‬
 ‫كلثوم» على أغنية (أنت عمري)؛ حيث جعلت مطلع‬              ‫الأم (‪ )154 ،153‬مائة وثلاثة وخمسين‪ ،‬ومائة‬

                                                         ‫وأربعة وخمسين‪ .‬أما الخامس والسادس فيحتلان‬

                                                         ‫رقمي (‪ ،)13 ،12‬اثني عشر‪ ،‬وثلاثة عشر‪ ،‬والسابع‬

                                                         ‫والثامن‪ ،‬فقد احتلا رقم (‪ )178 ،177‬مائة وسبعة‬

                                                                     ‫وسبعين‪ ،‬ومائة وثمانية وسبعين(‪.)44‬‬

                                                         ‫هذا يعني أن أم كلثوم اعتادت أسلوبية الانتقاء‪،‬‬
   42   43   44   45   46   47   48   49   50   51   52