Page 43 - merit 54
P. 43
41 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
فإنه يمتاز بالسيطرة والتأثير
على غيره ،فإن اللون
الأسود هو الأداة التي ت َّم
الكتابة بها على الغلافين؛
الأمامي والخلفي ،وهذه
إضافة تضع لبنة في
صرح المحكي الاحتمالي
الذي تؤسس له العتبات،
والأسود «رمز الخوف
من المجهول والميل إلى
التكتم»( .)16وقد ربط ذلك
المؤلف بحياة أم كلثوم،
وكيف اعتلت عرش الغناء
بعد المعطيات الاجتماعية
والثقافية المعيشة ،فلم
عباس محمود العقاد إبراهيم ناجي أحمد يوسف يكن متا ًحا لها في بداية
خطوها إلا اليسير مما
يو ِّفره التعليم الأهلي ،وما يصحبه من ثقافة
مجرد ،والشعر تعبير لفظي مجسد ،فإنه يجب
أن يبتغي كل منهما لدى الآخر الوسيلة والفضيلة تقليدية موروثة ُتعلي من شأن الاتباع والتقليد.
وهو ما يؤكده كلام عبد الوهاب قائ ًل“ :إ َّن أم
والدرجة الفنية الرفيعة”(.)21 كلثوم كانت تحارب على جبه ٍة بالغة الصعوبة”(.)17
وقد أكد ذلك أكثر من فنان معروف له حسه
النقدي مثل «عبد الوهاب» الذي ربط قيمة الأغنية ولكن أم كلثوم الأصالة والحضارة( )18قد اتخذت
وأثرها الباعث على السمو أو العكس قائ ًل« :كلما من هذا البلوغ والنبوغ والتح ُّقق الأولي منطل ًقا
كانت الأغنية منهارة في معناها أو موسيقاها نحو آفاق أوسع ومح َّطات أكبر ،فقطعت أشوا ًطا
أصبحت نو ًعا من التخريب الاجتماعي»( .)22وهذه
العلاقة جدلية ،فاهتمام “شوقي” بـ”عبد الوهاب” وراء أشواط ،ولم تحط بها سفينة الطموح إلا على
أنتج غنا ًء ذاع صيته ،وكشف عن فنان ما كنا
لنسمع عنه لولا هذا الاهتمام ،وهو ما يؤكده مرفأ الموت ،الذي استقبلته كما يستقبله الشهداء
“كامل الشناوي” :فقد كان عبد الوهاب “يمثِّل
لـ”شوقي عاطف ًة في قلبه ،وفكر ًة في رأسه ،ونو ًرا والصديقون(.)19
وحين ُي ْك َتب العنوان على الغلاف الخلفي ،والمؤشر
في عينيه”(.)23 التجنيسي على الغلاف الأمامي /موسيقى باللون
أما أن يكتب (الم َؤلف ،والمؤلِّف) باللون الأسود تارة،
وباللون الأبيض في الم َؤلف تارة أخرى ،وهما لونان البرتقالي الذي يثير شعور البهجة والمحبة والدفء
يحملان الضدية ،فهذا للظهور والشيوع ،فكأنما والحيوية ،فهو دعم لاختيار العنوان .ومؤشر نوع
تمثل اللون الأسود ذيو ًعا وإشها ًرا تسمو ًّيا لا
الجنس الأدبي «موسيقى» ،مؤكد ارتباط الشعر
سيما إن كان لون الغلاف السائد البيچ ،وأما اللون
الأبيض الذي يوحي بالصفاء والنقاء فقد جيء به؛ بالغناء ،وأنه يرفع قيمته ،ويساعد على ذيوعه،
ليحقق انعكا ًسا للعتبات الأخرى ويظهرها حيث إ َّن وقد أكد مؤلف الكتاب على تلك الحقيقة قائ ًل« :إ َّن
الغناء وما يصاحبه من الألحان يرفع من قيمة
الشعر ،ويح ِّقق له ما نس ِّميه اليوم بالقيمة المضافة،
و َي ْكتِب للشاعر ولقصيدته ذيو ًعا وصيتًا وبقا ًء
في الوجدان ،قد لا يتي َّسر للشاعر وحده أن يح ِّقق
شيئًا منها»( .)20وإذا كان “الغناء هو تعبير موسيقي