Page 57 - merit 54
P. 57

‫‪55‬‬           ‫إبداع ومبدعون‬

             ‫رؤى نقدية‬

‫أُنسي الحاج‬                 ‫أندريه بروتون‬                 ‫«زهرة القطن»‪ »،‬ذكرى التلميذ النجيب»‪،‬‬
                                                   ‫«الأخوية»‪« ،‬الشجرة المحرمة»‪« ،‬آلين»‪« ،‬العثور‬
                ‫ثم فإنها تعني الضعف‪.)75( .‬‬
     ‫ينطبق أي ًضا على العلاقات التي تكون مفرطة‬        ‫على حياة»‪ .‬لها عناوين ليست معقدة التراكيب‪،‬‬
  ‫الحساسية والارتباك في فترة حرجة من مراحل‬                     ‫وجميعها لها رابطها الراسخ في النص‪.‬‬
      ‫التخلي عن الطفولة والاتجاه للصبا‪ ،‬في فورة‬
  ‫التعرف على الذات والجسد‪ .‬ورغم ظلال الحوار‬                  ‫أقص لكم بصوتي‬
  ‫الداخلي فإن نص «زهرة القطن» يجعلنا نتعرف‬
  ‫بحوارات خارجية بسيطة ومدروسة على صوت‬              ‫رغم معاناة الشخصيات في التعبير عن ذاتها‪ ،‬نجد‬
                                                       ‫ع َّدة لغات تشوب بعض النصوص ‪-‬كما ذكرنا‬
       ‫الوالد والفتاة المراهقة «سها»‪ ،‬بينما تستمر‬
  ‫الشخصيات الرئيسية دائ ًما ‪-‬كما ذكرنا‪ -‬تعتمد‬         ‫ساب ًقا‪ -‬وتستلزمها كمفاتيح تظهر تعددية لسان‬
  ‫على مونولوجاتها الكثيفة‪ ،‬فهن صامتات‪ ،‬يعشن‬              ‫الكاتبة‪ ،‬فهناك الإنجليزية والفرنسية‪ ،‬أما على‬

      ‫داخل كبسولة الأسئلة القلقة‪ ،‬يواجهن العالم‬      ‫مستوى السرد فيتنوع القص باستخدام الضمير‬
    ‫المتوحش والمنذر بالعنف ويصارعنه بالمراقبة‪.‬‬        ‫الذي يسرده‪ ،‬ونحن في هذه المجموعة أمام قص‬
 ‫يغرفن من حكاياتهم القليل من الأمل والكثير من‬          ‫بضمير متكلم‪ ،‬أي أننا سنرى اقتراب شخصية‬
‫الكدمات‪ .‬ففي نص «وسط البلد» عانت الشخصية‬                ‫الكاتب من الشخصية الساردة دون تطابقهما‪،‬‬
                                                     ‫نؤكد على ذلك لأنه لبس يقع به ‪-‬أحيا ًنا‪ -‬القاريء‬
       ‫من المدينة‪ ،‬فتذكر»هذه هي الساعات التي‬            ‫التقليدي في نظرة ضيقة‪ ،‬لأن كلاهما ‪-‬الراوي‬
   ‫يمكنني أن أراقب خلالها المدينة بلا عداءات‪،‬‬      ‫والشخصية‪ -‬متساويان في معرفتهما لتفاصيل بناء‬
   ‫ولا انتقادات‪ ،‬ولا أمنيات بالتغيير‪ ،‬الساعات‬
    ‫التي تسبق رؤيتها‪ ،‬التي أعيش فيها العالم‬                                                ‫القصة‪.‬‬
    ‫كما هو ولا أفكر أن أثور»‪ .‬ورغم استهجانها‬           ‫تظهر الشخصية الرئيسية دون بطولات‪ ،‬في كل‬
  ‫لحسد الركاب لها وهي تمارس فعل القراءة‪ ،‬أي‬
 ‫فعل السفر والتغيير واتساع الآفاق‪ ،‬الذي لا يقدر‬          ‫نص تسرد القصص والمواقف وتبني الحدث‪،‬‬
                                                    ‫تدفع الديالوجات بالحدث‪ ،‬عبر تقنيات الاسترجاع‬

                                                       ‫والحذف والتلخيص حاضرة‪ ،‬فعلى سبيل المثال‬
                                                      ‫في قصة «لون المحيط الأزرق» تأمل الشخصية‬
                                                       ‫بالرحيل‪ ،‬مما يعني الانتقال للغة وحياة أخرى‪،‬‬
                                                     ‫متخذة من الهجرة غير الشرعية وسيلة‪ ،‬ومركزة‬

                                                        ‫على مذكرتها الخضراء التي تنتعش في حقولها‬
                                                    ‫«بذور قصة ما»‪ ،‬وتهتم بشخصية كاتب وزوجته‪،‬‬
                                                   ‫ويتم إبطاء السرد عبر وصف مشهدها مع الصغار‬

                                                       ‫واللعب معهم‪ ،‬علما أن ما سيحدث لاح ًقا لهؤلاء‬
                                                      ‫الصغار هو بوابة لإدراك وفهم الواقعة المجلجلة‬
                                                    ‫التي صارت لهم‪ ،‬والتي لا ترصد تفاصيلها بسبب‬
                                                        ‫تقنية الحذف‪ ،‬مما يجعل القاريء لا يملك يقينًا‬
                                                      ‫حول نهاية النص‪ .‬بعكس النهاية في نص «زهرة‬
                                                    ‫القطن»‪ ،‬فعبر عنوان ذي علاقة وطيدة في المزاوجة‬

                                                          ‫ما بين هشاشة الزهرة والشخصية في فترة‬
                                                   ‫المراهقة‪ ،‬يصف البائع السوري ما يميز زهرة القطن‬

                                                     ‫فيذكر‪« :‬تحتاج إلى الرعاية المتواصلة والصبر‪،‬‬
                                                     ‫إن أبسط إهمال سوف يحكم عليها بالموت‪ ،‬من‬
   52   53   54   55   56   57   58   59   60   61   62